قَالَ ابن إسحاق [٢] : فلما كان الغدُ من يوم أُحُد، يعني صبيحةَ وقعةِ أُحُد [٣] أذّن مؤذّنُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النّاس لطلب العدوّ [٤] ، وأذّن مؤذّنه:
لا يخرج معنا أحدٌ إلّا أحَدٌ حضر يومَنا بالأمس. وإنّما خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهِبًا للعدّو [٥] ليُبَلغهم أنّه قد خرج في أثرهم وليظنُّوا به قوة.
وقال ابن لَهِيعة: ثنا أبو الأسود، عَنْ عُرْوَة [٦] قَالَ: قدِم رجلٌ فاستخبره النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أبي سُفيان. فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون، يَقْولُ بعضُهم لبعض: لم تصنعوا شيئًا، أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثُمَّ تركتموهم ولم تُبيدوهم، وقد بقي منهم رءوس يجمعون لكم. فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه- وبهم أشدّ القَرْح- بطلب العدوّ، وليسمعوا بذلك. قَالَ:
لا ينطلقنّ معي إلّا من شهد القتال. فقال عبد الله بن أبيّ: أركب معك؟
[١] هي من المدينة على ثمانية أميال. (طبقات ابن سعد ٢/ ٤٩) . [٢] سيرة ابن هشام ٣/ ١٧٣، ١٧٤. [٣] وذلك يوم الأحد لست عشرة خلت من شوّال. (تاريخ خليفة ٧٣) وفي طبقات ابن سعد ٢/ ٤٨: «يوم الأحد لثماني ليال خلون من شوّال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من مهاجره» . [٤] ، (٥) في ع: الغزو- للغزو، والتصحيح من مختصر ابن الملّا، وتاريخ الطبري ٢/ ٥٣٤. [٦] المغازي لعروة ١٧٤.