وفي حدودها ظهرت الباطنيّة ببغداد ونواحيها، وكثروا [١] .
[رواية ابن الْجَوْزيّ عَنِ الباطنية]
قال أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ:[٢] وأوّل ما عُرف من أخبار الباطنيّة، يعني الإسماعيليّة، أنّهم اجتمعوا فَصَلُّوا العيد في ساوَة، ففِطن بهم الشِّحْنَة، فأخذهم وحبسهم، ثمّ أطلقهم، [ثمّ اغتالوا][٣] مؤذنًا من أهل ساوة [فاجتهدوا][٤] أنّ يدخل في مذهبهم، فامتنع [٥] ، فخافوا أنّ ينمّ عليهم، فقتلوه [٦] . فرُفِع ذَلِكَ إلى نظام المُلْك، فأخذ رجلًا نجارًا اتّهمه بقتله، وهو أوّل من فتكوا بِهِ. وكانوا يقولون: قتلتم منّا نجّارًا، فقتلنا بِهِ نظام المُلْك [٧] .
ثمّ استفحل أمرهم بأصبهان.
ولمّا مات السّلطان ملك شاه، آل أمرهم إلى أنّهم كانوا يسرقون النّاس فيقتلونهم ويُلْقُونهم بالآبار. فكان الإنسان إذا دنا [٨] وقتٌ ولم يعد إلى منزله يئسوا [٩] منه [١٠] . وبلغ من حيلهم امرأة [١١] عَلَى حصير لا تبرح منها، فدخلوا الدّار، يعني الأخَوان، فأزالوها، فوجدوا تحت الحصير بئرًا فيها أربعون [١٢] قتيلًا. فقتلوا المرأة، وهدموا الدّار.
وكانوا يجلسون ضريرًا عَلَى باب زُقاقهم، فإذا مرّ بِهِ إنسان سأله أن يقوده
[١] الكامل في التاريخ ١٠/ ٣١٣، العبر ٣/ ٣٣٨. [٢] في المنتظم ٩/ ١٢٠ (١٧/ ٦٣) وما بعدها. [٣] في الأصل: «فسئلهم» ، والمثبت بين الحاصرتين عن المنتظم. [٤] إضافة من المنتظم. [٥] في المنتظم: «أن يدخل معهم فلم يفعل» . [٦] في المنتظم: «فاغتالوه فقتلوه» . [٧] الكامل في التاريخ ١٠/ ٣١٣، نهاية الأرب ٢٦/ ٣٥١. [٨] في الأصل: «دنى» . [٩] في الأصل: «يأسوا» . [١٠] نهاية الأرب ٢٦/ ٣٥٢. [١١] في المنتظم ٩/ ١٢٠: «وفتش الناس المواضع فوجدوا امرأة في دار لا تبرح فوق حصير ... » . [١٢] في الأصل: «أربعين» .