وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الآثَارِ، أَنَّ مُصْعَبًا سَارَ عَنِ الْكُوفَةِ أَيَّامًا، فَكَتَبَ إِلَى سُكَيْنَةَ.
وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ أَبِيتَ وَبَيْنَنَا ... شِعَارٌ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ مِنْكِ عَلَى عَشْرِ
وَأَبْكَاهُمَا، وَاللَّهِ، لِلْعَيْنِ فَاعْلَمِي ... إِذَا ازْدَدْتُ مِثْلَيْهَا فَصِرْتُ عَلَى شَهْر
وَأَبْكَى لِعَيْنِي مِنْهُمَا الْيَوْمَ أَنَّنِي ... أَخَافُ بِأَنْ لا نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ
فَلَمَّا قُتِلَ، قَالَتْ:
فَإِنْ تَقْتُلُوهُ تَقْتُلُوا الْمَاجِدَ الَّذِي ... يَرَى الْمَوْتَ إِلا بِالسِّيُوفِ حَرَامَا
وَقَبْلَكَ مَا خَاضَ الْحُسَيْنُ مَنِيَّةً ... إِلَى السَّيْفِ حَتَّى أَوْرَدُوهُ حِمَامَا
[١] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
زَوَّجَتْ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ نَفْسَهَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِلا وَلِيٍّ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنْ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا [٢] . وَرَوَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ مَنْزِلَ سُكَيْنَةَ، فَإِذَا بِبَابِهَا جَرِيرُ، وَالْفَرَزْدَقُ، وَجَمِيلٌ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ، فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ مَلِيحَةٌ فَقَالَتْ: سَيِّدَتِي تَقُولُ لِلْفَرَزْدَقِ:
أَنْتَ الْقَائِلُ:
هُمَا دَلَّيَانِي [٣] مِنْ ثَمَانِينَ قَامَةً ... كَمَا انْقَضَّ بَازٍ أقتم الرِّيشِ [٤] كَاسِرُهْ
فَلَمَّا اسْتَوَتْ رِجْلايَ فِي الأَرْضِ نَادَتَا ... أَحَيٌّ يُرَجَّى أَمْ قَتِيلٌ نُحَاذِرُهْ
فَأَصْبَحَتْ فِي الْقَوْمِ الْقُعُودِ وَأَصْبَحَتْ ... مُغْلَقَةً دُونِي عَلَيْهَا دساكره
[١] تاريخ دمشق ١٥٨.
[٢] تاريخ دمشق، وعبارته في آخره: وإن لم يكن دخل بها خطبها مع الخطّاب.
[٣] في تاريخ دمشق ١٦١ «دلّتاني» .
[٤] في تاريخ دمشق «الرأس» .