قال ابن خَلِّكان [٢] : ولم يزل العماد على مكانته إِلَى أن تُوُفّي السّلطان صلاح الدّين، فاختلّت أحواله، ولم يجد فِي وجهه بابا مفتوحا. فلزِم بيته وأقبل على تصانيفه.
وقيل إنّ العُقاب جميعه أنثى، وإنّ الّذي يسافده طائرٌ من غير جنسه، وقيل: إنّ الثّعلب هُوَ الّذي يسافده، وهذا من العجائب.
قال ابن عنين فِي ابن سَوْدة:
ما أنت إلا كالعقاب فأمُّهُ ... معروفةٌ وله أبٌ مجهولُ
وقال الموفَّق عَبْد اللّطيف: حكى لي العماد من فلْق فِيهِ، قال: طلبني كمال الدّين لنيابته فِي ديوان الإنشاء، فقلت: لا أعرف الكتابة. فقال: إنّما أريد منك أن تُثْبِت ما يجري فتخبرني به.
فصرت أرى الكتب تكتب إِلَى الأطراف، فقلت لنفسي: لو طُلب منّي أن أكتب مثل هَذَا ماذا أكنت أصنع؟ فأخذتُ أحفظ الكُتُب وأحاكيها، وأروِّض نفسي فيها. فكتبت كتبا إِلَى بغداد، ولا أُطْلِع عليها أحدا. فقال كمال الدّين يوما: ليتنا وجدنا من يكتب إِلَى بغداد ويُرِيحنا. فقلت: أَنَا أكتب إنْ رضيتَ.
فكتبت وعرضت عليه، فأعجبه فاستكتبني. فلمّا توجّه أسد الدّين إِلَى مصر فِي المرَّة الثّالثة صحِبْتُه.
قال الموفّق: وكان فقهه على طريقة أسعد المِيهَنِيّ، ومدرسته تحت القلعة. ويوم يدرّس تتسابق الفُقهاء لسماع كلامه وحُسْن نُكَتِه. وكان بطيء