قلت: ونظير هذه الحكاية ما حَدَّثَنَا الفقيه أَبُو القاسم بْن مُحَمَّد بْن خَالِد قَالَ:
حدّثني شيخنا جمال الدّين يحيى بْن الصَّيرفيّ: سَمِعْتُ أَبَا البقاء النَّحْويّ قَالَ: حضرت مجلس الشَّيْخ عَبْد القادر، فقرءوا بين يديه بالألحان، فقلت في نفسي: تُرَى لأيّ شيءٍ لا يُنْكر الشَّيْخ هذا. فقال الشَّيْخ: يجيءُ واحدٌ قد قرأ أبوابا من الفِقْه يُنكر. فقلت فِي نفسي: لعلّ أَنَّهُ قصد غيري. فقال: إيّاك نعني بالقَول. فتبت فِي نفسي من اعتراضي عَلَى الشَّيْخ. فقال: قد قبل اللَّه توبتك [١] .
فأتيتُه فقال قبل أن أنطِق: يا عُمَر، ما هُوَ من عُدَّة القبر، يا عُمَر ما هُوَ من عُدَّة القبر.
قَالَ: فتركته [٣] .
وقال أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمود المَرَاتِبيّ: قلت للشّيخ الموفَّق: هَلْ لسماع الحديث عند ابن شافع، فكلّ ما سمعناه لم ننتفع بِهِ.
قَالَ السّيف: يعني لنزول ذَلِكَ [٤] . وذلك أنّهم سمعوا منه «المسند» و «البخاريّ» .
وقال شيخنا أبو الحسين اليُونينيّ [٥] : سَمِعْتُ الشَّيْخ عزّ الدّين بْن عَبْد
[١] سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٢٢، ٤٤٣. [٢] الفاروثيّ: نسبة إلى فاروث من قرى واسط. وهي براء مضمومة بعد الألف، ثم واو ساكنة، ثم مثلّثة. (توضيح المشتبه ٧/ ١٢) . وقد تحرّفت في (الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٢٩٦) إلى «الفاروقي» بالقاف بدل الثاء. [٣] سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٤٣، الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٢٩٦، ٢٩٧. [٤] سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٤٣. [٥] هو عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن عيسى اليونيني البعلي، ولد ببعلبكّ سنة ٦٢١