وكان يُملي بمكّة، ولم يكن يُمْلي بها حين تولّى مكة المصريّون وإنّما كان يُمْلي سرًّا في بيته [٢] .
وقال ابن طاهر: دخلتُ على الشّيخ أبي القاسم سعْد وأنا ضيّق الصَّدر من رجلٍ من أهل شيراز لا أذكره، فأخذت يده فقبَّلْتها، فقال لي ابتداءً من غير أن أُعْلِمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل، لا تضيِّقْ صدْرَك، عندنا في بلاد العجم مَثَلٌ يُضْرَب، يقال: بُخْلُ أهوازيّ، وحَمَاقةُ شِيرازيّ، وكَثْرةُ كلام رازيّ [٣] .
ودخلتُ عليه في أول سنة سبعين لمّا عزمتُ على الخروج إلى العراق حتّى أودّعه، ولم يكن عنده [٤] خبرٌ من خروجي، فلمّا دخلت عليه قال:
أَرَاحِلُون فنبكي، أم مُقِيمونا؟
فقلت: ما أمر الشّيخ لا نتعدّاه.
فقال: على أيِّ شيء وعزمت؟ قلت: على الخروج إلى العراق لألحق مشايخ خُراسان.
فقال: تدخل خُراسان، وتبقى بها، وتفوتك مصر، ويبقى في قلبك.
فاخرج إلى مصر، ثمّ منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء.
ففعلتُ، وكان في ذلك البركة.
سمعتُ سعد بن عليّ- وجرى بين يديه ذِكْر الصّحيح الذي خرجه أبو ذَر الهَرَويّ- فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصّحيح [٥] .
قال أبو القاسم ثابت بن أحمد البغداديّ: رأيتُ أبا القاسم الزَّنْجانيّ في
[١] المنتظم ٨/ ٣٢٠ (١٦/ ٢٠١) . [٢] يعني خوفا من دولة العبيدة. انظر: تذكرة الحفّاظ ٣/ ١١٧٥، ١١٧٦، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٨٧. [٣] معجم البلدان ٣/ ١٥٣. [٤] في الأصل: «عندي» . وصحّحته ليستقيم المعنى. [٥] انظر: تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٧٦، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٨٧.