مشايخ الرّيّ رأى في النَّوم كأنّ براءةً نزلت من السّماء فيها مكتوب: هذه براءة ليوسف بن الحسين ممّا قيل فيه. فسكتوا عنه بعد ذلك [١] .
قال الخطيب [٢] : سمع منه: أبو بكر النّجّاد.
قلت: وهو صاحب حكاية الفأرة لما سأل ذا النّون عن الاسم الأعظم [٣] .
وقد راسله الْجُنَيْد وأجابه هو، وطال عُمَره وشاعَ ذكره.
وعن أبي الحَسَن الدّرّاج قال: لما وَرَدَ على الْجُنَيْد رسالة يوسف اشتقت إليه، فخرجت إلى الرّيّ، فلمّا دخلتها سألتُ عنه فقالوا: إيش تعمل بذاك الزِّنديق؟ فلم أحضره.
فلمّا أردت السفر قلت: لَا بُدّ لي منه. فلمّا وقفت على بابه تغيَّر عليَّ حالي، فلمّا دخلت إذا هو يقرأ في مُصْحَف فقال: لأيشٍ جئت؟
قلت: زائرًا.
فقال: أرأيت لو ظهر لك هنا مَن يشتري لك دارًا وجارية ويقوم بكفايتك، اكنت تنقطع بذلك عنّي؟
قلتُ: يا سيّدي، ما ابتلاني الله بذلك.
فقال: اقعد، فانت عاقل، تُحْسِن تقول شيئًا؟
قلت: نعم.
قال: هات.
فأنشدَ البيتين المتقدّمين، إلى آخر الحكاية [٤] .
وقال أبو بكر الرّازيّ: قال يوسف بن الحسين: بالأدب يُفهم العِلم، وبالعلِم يصحّ لك العمل، وبالعمل تُنال الحكمة، وبالحكمة يُفهم الزُّهْد، وبالزُّهْد تُترك الدّنيا، وبِتَرك الدّنيا يُرْغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة يُنال رضى الله تعالى [٥] .
[١] تاريخ بغداد ١٤/ ٣١٨. [٢] في تاريخه ١٤/ ٣١٤. [٣] الحكاية في: تاريخ بغداد ١٤/ ٣١٧، وطبقات الحنابلة ١/ ٤٢٠، والمنتظم ٦/ ١٤٢. [٤] تاريخ بغداد ١٤/ ٣١٧، ٣١٨. [٥] طبقات الصوفية ١٨٩ رقم ١٧.