التقينا، وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي، فقال لهم: ألقوا رماحكم، وسلوا سيوفكم من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، شرجعوا فوَّحشوا (١) برماحهم، وسلوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم، قال: وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس (٢) يومئذ إلا رجلان، فقال علي -رضي الله عنه-: التمسوا فيهم المخدج. فالتمسوه فلم يجدوه، فقام علي بنفسه حتى أتى أناسًا قد قُتل بعضهم على بعض، فقال: أخرجوهم (٣). فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر، ثم قال: صدق الله، وبَلَّغ رسوله. قال: فقام إليه عَبيدة السلْماني، فقال: يا أمير المؤمنين، أللَّه الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: إي والذي لا إله إلا هو. حتى استحلفه (٤) ثلاثًا وهو يحلف له".
رواه مسلم (٥).
٦٣١٤ - عن عبيدة، عن علي قال: "ذكر الخوارج، فقال: فيهم رجل مخدج
=القنطرة التي كان القتال عندها، وهي قنطرة الدبرجان، كذا جاء مبيناً في سنن النسائي، وهناك خطبهم علي - رضي الله عنه - وروى لهم هذه الأحاديث. شرح صحيح مسلم (٥/ ٣٢). (١) بتشديد الحاء، أي: رموا بها بعيداً، بدليل قوله بعد: "واستلوا السيوف". مشارق الأنوار (٢/ ٢٨١). (٢) يعني: من أصحاب علي -رضي الله عنه-. شرح صحيح مسلم (٥/ ٣٢ - ٣٣). (٣) في صحيح مسلم: أخروهم. (٤) قال النووي: إنما استحلفه ليُسمع الحاضرين، ويؤكد ذلك عندهم، ويُظهر لهم المعجزة التي أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويظهر لهم أن عليًّا وأصحابه أولى الطائفتين بالحق، وأنهم محقون في قتالهم وغير ذلك مما في هذه الأحاديث من الفوائد. شرح صحيح مسلم (٥/ ٣٣). (٥) صحيح مسلم (٢/ ٧٤٨ - ٧٤٩ رقم ١٠٦٦/ ١٥٦).