هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا. قال: فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل الدهناء (١) حجازًا (٢) بيننا وبين (بني)(٣) تميم فافعل؛ فإنها كانت لنا (مرة)(٣). قال: فاستوفزت العجوز، وأخذتها الحمية، وقالت: يا رسول الله، (أين)(٤) تضطر مضطرك؟ قلت: يا رسول الله (حملت)(٣) هذه ولا أشعر أنها كائنة لي خصمًا. قال: قلت: أعوذ باللَّه أن أكون كما قال الأول. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما قال الأول؟ قال: على الخبير سقطت -يقول سلام- هو أبو النذر-: هذا أحمق (٥)، يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على الخبير سقطت. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هيه. يستطعمه الحديث، قال: إن عادًا أرسلوا وافدهم قيلا، فنزل على معاوية بن بكر شهرًا (يسقيه)(٦) الخمر وتغنيه الجرادتان (٧) فانطلق حتى أتى جبال مهرة، فقال: اللَّهم إني لم آت لأسير أُفاديه، ولا لمريض فأداويه، فاسْقِ عبدك ما كنت ساقيه، واسق معاوية بن بكر شهرًا. يشكر له الخمر التي شربها عنده. قال: فمرت سحابات سود، فنودي أن خذها رمادًا رمددًا (٨) لا تذر من عادٍ أحدًا. قال أبو وائل: فبلغني أن ما أرسل عليهم من الريح كقدر ما يجري
(١) الدهناء: عن ديار بني تميم معروفة، تقصر وتمد. معجم البلدان (٢/ ٥٦٠). (٢) أي: حدًّا فاصلا يحجز بيننا وبينهم، وبه سُمي الحجاز، الصُّقع المعروف من الأرض. النهاية (١/ ٣٤٥). (٣) من المسند. (٤) بياض في "الأصل" والمثبت من المسند. (٥) هكذا قال سلام -رحمه الله- ولا شك أن هذه كلمة شديدة لا يحسُن أن تُقال في رجل من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم أجمعين. (٦) من المسند. (٧) هما مغنيتان كانتا بمكة في الزمن الأول، مشهورتان بحسن الصوت والغناء. النهاية (١/ ٢٥٧). (٨) الرِّمدد -بالكسر- التناهي في الاحتراق والدقة، كما يقال: ليل أليل، ويوم أيوم إذا أرادوا المبالغة. النهاية (٢/ ٢٦٢).