يُعزَّى بكَ المرءُ الذي لم يكن رأى … مُحَيّاك لكن طِيْبُ ذكرِكَ يَنْسِمُ (١)
ففي الشّرقِ أحزان عليكَ ومأتمٌ … وفي الغربِ أحزانٌ عليكَ ومأْتمُ
وداعًا أبا الإِخلاصِ والذَّوقِ والحِجَا … أخا العلمِ يَهدي لفتي هيَ أقْوَمُ
هنيئًا لكَ المثوى النّديُّ بطَيْبةٍ … فيا حُسْنها بُشرى تَجِلُّ وَتَكْرُمُ!
ومن أولئك ابنه وبِكْره أخي المهندس محمد زاهد أبو غدة حفظه الله، وهي بعنوان: "رَحل الحبيبُ".
أحقًّا أنّه رحل الحبيبُ … وأن الشمسَ أدرَكها المغيبُ
وأنِّي صرتُ بين الناس فَرْدًا … وحيدًا لو تداهِمُني الخُطوبُ
أحقًّا إِنْ وردتُ أريدُ رِيًّا … ورأياَ سوف يُصدرِني اللُّغوبُ (٢)
فلا "نعمُ" لها جرسٌ أثيرٌ … له نفسي إذا حنَّتْ تَذُوبُ (٣)
وأينَ بهاؤُه في النفس يسري … وأين حديثُه شهدٌ وطيبُ
ولي دعواتُه بالخير تَتْرى … وإثرَ دعائه غيثٌ سَكُوبُ
يقول لي الفؤادُ: مُحَالُ يمضي … وكيف تزول شمسٌ لا تغيبُ؟
وكيف وما تزال لديهِ كتبٌ … يحقِّقها ورأيٌ لا يخيبُ
أبيْ قُمْ "فالعِنَايَة" (٤) في انتظارٍ … لها من راحتيك كِسًا قشيبُ
أبيْ قُمْ فالمنابر باكيات … إذا ذكَرتكَ يعرُوها الوَجِيبُ (٥)
(١) يُقال: نَسَمَتِ الرّيح: هبَّت.
(٢) صدر عن المكان: رجع وانصرف. واللُّغُوب: التعب والنَّصَب.
(٣) يشير إلى أن من عادة الوالد ﵀ أول ردِّه على الهاتف أن يقول: (نعم) لا (ألو) أو (هلو)، تكلُّمًا منه بالعربية!.
(٤) يريد كتاب "فتح باب العِنَايَة شرح كتاب النِّقَاية" للشيخ علي القاري، الذي خدم الوالد ﵀ ثُلثه تقريبًا ثم توفي، يسَّر الله للعبد إتمام خدمته وحسن إخراجه.
(٥) الوجيبُ: الاضطراب والاهتزاز.