مدة، ثم صار إلى الجماعة، وقال لنا: أَنشُدُكم الله أن تَسمعوا من أحد من أصحاب الأهواء (١)، فإنَّا واللّه كنا نروي لكم الباطل، ونحتسبُ الخير في إضلالكم.
وقال زهير بن معاوية: حدثنا مُحْرِز أبو رجاء، وكانَ يرى القَدَر فتاب منه، فقال: لا تَرْوُوا عن أحد من أهل القَدَر شيئًا، فواللّه لقد كنا نضَعُ الأحاديث، نُدْخِل بها الناسَ في القَدَر نحتسِبُ بها، فالحُكْمُ للّه!.
وهذه فصول يُحتاج إليها في هذه المقدمة:
[١ - فصل]
قال عثمان بن سعيد الدَّارِمي (٢): سُئل يحيى بن معين، عن الرجل يُلْقِي الرجلَ الضعيف بين ثقتين، ويَصِل الحديثَ ثقةَ عن ثقة ويقول: أَنْقُصُ من الإِسناد، وأصِلُ ثقةً عن ثقة؟ قال: لا تَفعل، لعل الحديث عن كذاب ليس بشيء، فإذا حسَّنَه إذا هو أفسَدَه، ولكن يُحدِّثُ بما رَوَى.
قال عثمان: كان الأعمش ربما فَعَل هذا.
قلتُ: ظاهر هذا تدليسُ التسوية، وما علمتُ أحدًا ذكر الأعمشَ بذلك، فيُستفاد.
[٢ - فصل]
قال أبو مصعب الزُّهْرِيُّ: سمعتُ مالكًا يقول: لا تَحمِل العلمَ عن أهل
(١) قوله: (أن تَسمعوا … ) أي أَنشُدُكم اللَّهَ أن لا تَسمعوا … ، على غِرار قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾، وعلى مِنوالِ قول الشاعر القُطَامي في صفةِ ناقةٍ نجيبةٍ نفيسة، يُحذِّرُ من بَيْعِها: رأينا ما يَرَى البُصَراءُ منها … فآلَيْنا عليها أن تُبَاعَا (٢) "تاريخ ابن معين" برواية الدارمي ص ٢٤٣.