وأصحُّ من هذا ما قرأت بخط الصَّفَدي، قال: قال أبو رَيْحانة، وكان من أهل الورع: حدثني جارُ السيّد الحميري قال: جاءنا رجل فقال: إن هذا وإن كان مخلِّطًا، فهو من أهل التوحيد وجارُكم، فادخُلوا لَقِّنُوه، وكان في الموتِ ففعلنا، فقلنا له وهو يَجُود بنَفْسه: قُلْ لا إله إلَّا الله، فاسودَّ وجهه وفتح عينيه وقال لنا: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾، وماتَ من ساعته (١).
قال الأصمعي: لولا مذهبُه لما قَدَّمْتُ عليه أحدًا من أهل طَبَقته.
وقيل: لما سَمِعَ بَشَارُ بن بُرْدٍ شعره قال له: لولا أن الله شَغَلك بمدح أهل البيت لافتَقَرْنا. وكان أبواه ناصِبِيَّيْنِ فهجاهُما.
وقال عُمر بن شَبَّة: سمعتُ محمد بن أبي بكر المقدَّمي يقول: سمعتُ جعفر بن سليمان الضُّبَعي يُنْشِد شعر السيّد الحميري، وكان أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنى يرويه.
قال أبو الفرج: ورَوى الحسنُ بن علي بن المغيرة، عن أبيه، عن السيد، قال: رأيتُ النبي ﷺ في النوم، وكأنَّه في حديقة سبخة فيها نخلٌ طِوال، وإلى جانبها أرضٌ كأنها الكافور، وليس فيها شيء فقال: أتدري لمن هذا النخل؟ قلت: لا يا رسول الله، قال: لامرئ القَيْس بن حُجْر، فاقْلَعْها واغرِسْها في هذه الأرض، ففعلت.
فأتيتُ ابنَ سيرين فقَصَصْتُ عليه رؤياي فقال: أتقول الشعر؟ قلت: لا، قال: أما إنك ستقول الشعر مثلَ شعرِ امرئ القيس، إلَّا أنك تقوله في قوم بَرَرة أطهار، قال: فما انصرفت إلَّا وأنا أقول الشعر.
وكان السيّد مولده بعُمَان (٢)، ونشأ بالبصرة، ومات في خلافة الرشيد.
(١) القصة في "الوافي بالوفيات" ٩: ٢٠٢. (٢) هكذا في الأصول. وقال الزركلي في "الأعلام" ١: ٣٢٢: "ولد في نَعْمَان" ونقل =