وأما الكافر، فقد قال ابن الملقن في «شرح العمدة»(٢/ ١٨): وأما الكافر؛ فحكمه في الطهارة، والنجاسة حكم المسلم، هذا مذهبنا، ومذهب الجماهير من السلف، والخلف.
قلتُ: ويدل عليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في «الصحيحين»(١): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ربط ثمامة بن أُثال في المسجد قبل أن يسلم. وحديث عمران بن حصين في «الصحيحين»(٢): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- استعمل مزادة امرأة مشركة هو، وأصحابه.
وكذلك إباحة ذبائح أهل الكتاب، وإباحة نسائهم في قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة:٥].
وقد خالف في هذه المسألة بعض الظاهرية، فقالوا: إن المشرك نجس العين، واستدلوا بقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة:٢٨].
والجواب عن هذا الاستدلال: بأن النجاسة ههنا محمولة على النجاسة المعنوية، وهو خُبْثُ، ونجاسة معتقده، جمعًا بين هذا الدليل، وبين الأدلة المتقدمة، واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن المؤمن لا ينجس»(٣)، وقالوا: مفهومه أنَّ الكافر ينجس.
(١) سيأتي تخريجه إن شاء الله برقم (١٠٧). (٢) سيأتي تخريجه برقم (٢٠). (٣) أخرجه البخاري (٢٨٣)، ومسلم (٣٧١) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.