قالوا: ولم يستفصل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من الرجل: أَنَسِي، أم لا؟ قالوا: وترك الاستفصال في مقام الاحتمال يُنَزَّلْ مَنْزِلَةَ العموم في المقال.
والرَّدُّ على ذلك: أنَّ في سياق الحديث ما يدل على أنَّ الرجل لم يكن ناسيًا، بل كان متعمدًا، وهو قوله:(هلكتُ)، وقوله:(احترقت)، فهذه الألفاظ لا يقولها إلا من كان متعمدًا للمعصية، لا من وقعت منه نسيانًا، والله أعلم. (١)
مسألة [٥]: من دخل في حلقه الذباب وهو صائمٌ، وكذا الغبار والدقيق؟
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: ونقل ابن المنذر الاتفاق على أنَّ من دخل حلقه الذباب وهو صائمٌ أنْ لا شيء عليه، لكن نقل غيره عن أشهب أنه قال: أحبُّ إليَّ أن يقضي. حكاه ابن التين. اهـ
والصواب أنه لا شيء عليه؛ لقوله تعالى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[البقرة:٢٢٥]، وقوله:{وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب:٥].
وألَحَق الحنابلة، والشافعية، وغيرهم بهذه المسألة ما لو دخل الغبار إلى حلقه من غير قصدٍ، وكذا نخل الدقيق، وما أشبه ذلك. اهـ. (٢)
مسألة [٦]: من أكل، أو شرب، أو جامع جاهلاً بالتحريم؟
• المشهور عند الحنابلة أنه يُعَدُّ مُفْطِرًا، وإنْ كان جاهلًا؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرَّ