وأما من السنة: فالأحاديث فيه كثيرة، منها: أحاديث الباب، وجاءت الرخصة أيضًا في ذلك من حديث ابن عباس، وأبي سعيد، وعائشة، وأبي الدرداء، وكلها في «الصحيح».
وأما الإجماع: فقد نقل النووي، وابن قدامة الإجماع على ذلك في الجملة. (١)
مسألة [٢]: هل تشمل الرخصةُ سفرَ المعصية، أم لا؟
• ذهب مالك، والشافعي، وغيرهما إلى أنَّ الرخصة لا تشمل سفر المعصية؛ لأنه عاصٍ، فلا يُعان على ذلك.
• وذهب أبو حنيفة، وداود الظاهري إلى أنها تشمل سفر المعصية، ورجَّح ذلك ابن حزمٍ، ثم قال: وبرهان صحة قولنا قول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٥]، فعمَّ تعالى الأسفار كلها، ولم يخص سفرًا من سفر:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم:٦٤].اهـ
وهذا القول هو الراجح، والله أعلم. (٢)
[مسألة [٣]: هل يجوز للمسافر الصوم في سفره؟]
• ذهبت طائفة إلى أنه لا يجوز للمسافر الصوم في السفر، وهو قول بعض أهل الظاهر، كداود، وابن حزم، وحُكِي هذا المذهب عن أبي هريرة، وابن عباس، (٣)
(١) انظر: «المغني» (٤/ ٣٤٥)، «المجموع» (٦/ ٢٦١)، «الفتاوى» (٢٥/ ٢٠٩). (٢) انظر: «المجموع» (٦/ ٢٦١)، «المحلَّى» (٧٦٢). (٣) أثر أبي هريرة -رضي الله عنه- ذكره ابن حزم في «المحلى» (٧٦٢)، وفي إسناده: محرر بن أبي هريرة، وهو مجهول، وأثر ابن عباس -رضي الله عنهما- أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ١٤) بإسناد صحيح عنه: أنه قال: الإفطار في السفر عزيمة.