دل على ذلك كتاب الله عز وجل بقوله تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة:٢٨٢]، ومن السنة حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي في الباب، وحديث عائشة -رضي الله عنها- في «الصحيحين» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعًا من حديد. (١) وأجمع المسلمون على جواز الرهن ومشروعيته في الجملة. (٢)
[مسألة [٢]: هل يشرع الرهن في الحضر، أم هو خاص في السفر؟]
• ذهب بعض أهل العلم إلى أنه خاص في السفر؛ لأنَّ الآية دلت على ذلك بقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة:٢٨٣]، وهو قول مجاهد، والضحاك، والظاهرية؛ إلا أن ابن حزم أجازه في الحضر على سبيل التطوع لا الإلزام.
• وذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الرهن يُشرع في السفر والحضر، واستدلوا بحديث عائشة المتقدم، وجاء بنحوه عن أنس في «البخاري»(٢٥٠٨)، وفي الترمذي (١٢١٤) وغيره، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مات ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام أخذه لأهله. قالوا: والوثيقة على الدين يحتاج إليها في الحضر كما يحتاج إليها في السفر، وإنما القيد بالسفر في الآية خرج مخرج الغالب، وهذا القول هو الصواب، والله أعلم. (٣)