قلتُ: والدليل على ذلك حديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي عند أحمد، وأصحاب السنن، والبيهقي وغيرهم، قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة، فجاءه نفر من أهل نجد، فقالوا: يا رسول الله، كيف الحج؟ قال:«الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع؛ فقد تم حجه»، وفي رواية:«فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر؛ فقد أدرك»(١)، وقد صححه شيخنا في «الجامع الصحيح».
وكذلك مثله حديث عروة بن المضرس، أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهو بجمع، فقال: يا رسول الله، جئت من جبل طيء، أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حَبْلٍ إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا، أو نهارًا؛ فقد تم حجه، وقضى تفثه». (٢)
[مسألة [١٠٤]: وقت الوقوف.]
أما آخر وقت الوقوف المجزئ فهو طلوع الفجر الصادق من يوم النحر، وهذا بلا خلاف عند أهل العلم.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: ودليله حديث عبد الرحمن بن يعمر، وعروة بن
(١) أخرجه أحمد (٤/ ٣٠٩، ٣٣٥)، وأبو داود (١٩٤٩)، والنسائي (٥/ ٢٥٦، ٢٤٦)، والترمذي (٨٨٩) (٨٩٠)، وابن ماجه (٣٠١٥)، والبيهقي (٥/ ١١٦)، وإسناده صحيح. (٢) سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (٧٤٢).