عمرة بنت عبدالرحمن أنَّ زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة: أنَّ عبدالله بن عباس قال: من أهدى هديًا؛ حرم عليه ما يحرم على الحاج، حتى ينحر هديه. قالت عمرة: قالت عائشة: ليس كما يقول ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي. وفي رواية: ويصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا حلالًا يأتي ما يأتي الحلال من أهله. (١)
وهو قول جماعة من الصحابة، كابن مسعود، وأنس، وابن الزبير (٢)، واستقر الأمر على هذا القول، والله أعلم. (٣)
مسألة [١٦٣]: هل يصير الرجل محرمًا إذا أراد النسك بتقليد الهدي؟
• ذهب إلى ذلك جماعة من أهل العلم، حكاه ابن المنذر عن الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. قال: وقال الجمهور: لا يصير بتقليد الهدي محرمًا، ولا يجب عليه شيء.
قلتُ: وقول الجمهور هو الصواب؛ لحديث:«إنما الأعمال بالنيات»، وفي حديث المسور المتقدم في «البخاري» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قلَّد، وأشعر، ثم أحرم بالعمرة. ففيه التفريق بين الإحرام والتقليد، والله أعلم. (٤)
(١) أخرجها مسلم (١٣٢١) (٣٦٤). (٢) أخرج هذه الآثار -إلا أثر ابن الزبير- ابن أبي شيبة (٤/ ١/٨٣ - ٨٦) بأسانيد صحيحة. (٣) وانظر: «المجموع» (٨/ ٣٦٠)، «الفتح» (١٧٠٠). (٤) وانظر: «الفتح» (١٧٠٠)، «ابن أبي شيبة» (٣/ ٤٨١)، «البيهقي» (٥/ ٢٣٣).