وأُجيب عن استدلالهم هذا: بأنه عامٌّ مخصوص بأدلة الجمهور المتقدمة، وقول الجمهور هو الصواب، والله أعلم. (١)
[مسألة [٣]: هل للأم الرجوع في الهبة التي و هبتها لولدها؟]
• مذهب الشافعي، وبعض الحنابلة أنَّ لها الرجوع كالأب، وهو قول ابن حزم، وعزاه الحافظ للجمهور.
واستدلوا على ذلك بالحديث:«إلا الوالد فيما يعطي ولده»، فأدخلوها في جنس (الوالد)؛ تغليبًا. وبعضهم شركها في هذا الحكم بالقياس، وقالوا: لها الحق من أولادها كالأب وأكثر.
• ومذهب أحمد وأكثر أصحابه أن الأم ليس لها الرجوع؛ لأنَّ الأب هو الذي يكتسب، وولده من كسبه، وفي الحديث:«أنت ومالك لأبيك»(٢)، ولأنَّ الأم لم يأت نص في جواز الرجوع لها في ذلك.
• وقال مالك: إن كان أبوه حيًّا فلها الرجوع، وإن كان ميتًا فلا رجوع لها؛ لأنها هبة ليتيم، وهبة اليتيم لازمة كصدقة التطوع.
قلتُ: الراجح -والله أعلم- هو القول الأول. (٣)
(١) انظر: «المغني» (٨/ ٢٦١ - ٢٦٢) «الفتح» (٢٥٧٨). (٢) حديث حسن، جاء عن جماعة من الصحابة، وهو ثابت بطرقه وشواهده، انظر: «الإرواء» رقم (٨٣٨). (٣) انظر: «المغني» (٨/ ٢٦٣) «الفتح» (٢٥٨٧) «الإنصاف» (٧/ ١٤٠) «السيل» (٣/ ٣٠٠) «المحلى» (١٦٢٩).