مِنْ ذَبْحِهِ بِالْحَرَمِ التَّوْسِعَةُ عَلَى مَسَاكِينِهِ، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ بِإِعْطَاءِ غَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ، فَكَانَ جَمِيعُهُ مُخْتَصًّا بِهِ، كَالطَّوَافِ، وَسَائِرِ الْمَنَاسِكِ.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَالطَّعَامُ كَالْهَدْيِ، يَخْتَصُّ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ فِيمَا يَخْتَصُّ الْهَدْيُ بِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ: مَا كَانَ مِنْ هَدْيٍ فَبِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ طَعَامٍ وَصِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ. وَهَذَا يَقْتَضِيه مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَلَنَا: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْهَدْيُ وَالطَّعَامُ بِمَكَّةَ، وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ (١). وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ فَاخْتَصَّ بِالْحَرَمِ، كَالْهَدْيِ. اهـ (٢)
[مسألة [١٨٢]: ضابط مساكين الحرم؟]
قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٥/ ٤٥١): وَمَسَاكِينُ أَهْلِ الْحَرَمِ مَنْ كَانَ فِيهِ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ وَارِدٍ إلَيْهِ مِنْ الْحَاجِّ وَغَيْرِهِمْ وَهُمُ الَّذِينَ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ. وَلَوْ دَفَعَ إلَى مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ، فَبَانَ غَنِيًّا، خُرِّجَ فِيهِ وَجْهَانِ كَالزَّكَاةِ. وَلِلشَّافِعِي فِيهِ قَوْلَانِ.
وَمَا جَازَ تَفْرِيقُهُ بِغَيْرِ الْحَرَمِ، لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ إلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَجَوَّزَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَنَا، أَنَّهُ كَافِرٌ، فَلَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ، كَالْحَرْبِيِّ.
(١) ذكره ابن المنذر عن ابن عباس، كما ذكره كذلك البيهقي في المعرفة (٧/ ٤٢٤)، بدون إسناد.(٢) وانظر: «البيان» (٤/ ٤٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute