[النساء:١٢٨]، ولأنه قد حصل بالتراضي، والمنكر قد رضي بتقديم المال؛ ليرفع عن نفسه الخصومة إلى الحاكم، ويرفع عن نفسه اليمين.
وقول الجمهور هو الصواب، وهو ترجيح الشوكاني، والصنعاني، والله أعلم. (١)
تنبيه: هذا الصلح لا يصح عند الجمهور؛ إلا أن يكون المدَّعِي معتقدًا أنَّ ما ادَّعاه حق، والمدَّعَى عليه يعتقد أنه لا حق عليه.
فإنْ كَذَبَ أحدهما؛ فالصلح في ظاهره صحيح، ولكن يكون فاسدًا في حق الكاذب، والمال عليه حرام. (٢)
[مسألة [٢]: هل هذا الصلح بيع أم إبراء؟]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٧): وَيَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّ الْمُدَّعِي؛ لِاعْتِقَادِهِ أَخْذَهُ عِوَضًا، فَيَلْزَمُهُ حُكْمُ إقْرَارِهِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ شِقْصًا فِي دَارٍ، أَوْ عَقَارٍ؛ وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا؛ فَلَهُ رَدُّهُ، وَالرُّجُوعُ فِي دَعْوَاهُ، وَيَكُونُ فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ افْتِدَاءً لِيَمِينِهِ، وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، لَا عِوَضًا عَنْ حَقٍّ يَعْتَقِدُهُ؛ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا حُكْمُ إقْرَارِهِ؛ فَإِنْ وَجَدَ بِالْمُصَالَحِ عَنْهُ عَيْبًا؛ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ مَا أَخَذَ عِوَضًا، وَإِنْ كَانَ شِقْصًا؛ لَمْ تَثْبُتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ عَلَى مِلْكِهِ، لَمْ يَزُلْ، وَمَا مَلَكَهُ بِالصُّلْحِ. اهـ
(١) انظر: «المغني» (٧/ ٦ - ٧) «أعلام الموقعين» (٣/ ٣٦٩ - ) «السيل الجرار» (٤/ ٢٦٠) «بداية المجتهد» (٤/ ٩٣) «البيان» (٥/ ٢٤٧).(٢) «المغني» (٧/ ٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute