واستدل عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد». (١)
وهو ترجيح الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير [سورة المائدة]، والذي يظهر لي أنَّ القول الثاني أصح؛ لأنَّ الغاية من المسح هو إصابة الشعر بشيء من الماء، وقد حصل ذلك بالغسل، والله أعلم. (٢)
[مسألة [٢٤]: المسح على العنق.]
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ١٢٧ - ): لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى عُنُقِهِ فِي الْوُضُوءِ، بَلْ وَلَا رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ، بَلْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي فِيهَا صِفَةُ وَضَوْءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَمْسَحُ عَلَى عُنُقِهِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِمْ، وَمَنْ اسْتَحَبَّهُ فَاعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى أَثَرٍ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- (٣)، أَوْ حَدِيثٍ يَضْعُفُ نَقْلُهُ أَنَّهُ:«مَسَحَ رَأْسَهُ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ»(٤)، وَمِثْلَ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عُمْدَةً، وَلَا يُعَارِضُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ، وَمَنْ تَرَكَ مَسْحَ الْعُنُقِ؛ فَوُضُوءُهُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ
قلتُ: فمسح العنق في الوضوء من البدع؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس؛ فهو رد».
(١) أخرجه مسلم برقم (١٧١٨)، من حديث عائشة -رضي الله عنها-. (٢) انظر: «المغني» (١/ ١٨٢)، «المجموع شرح المهذب» (١/ ٤١٠). (٣) لم أقف على أثر عن أبي هريرة في ذلك. (٤) أخرجه أحمد (٢/ ٧٥)، والبيهقي (١/ ٦٠)، من طريق: ليث بن أبي سليم، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، به، وليث ضعيف، ومصرف مجهول.