[مسألة [٤]: حكم المرور بين يدي المأمومين.]
أخرج الشيخان (١) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ. واللفظ للبخاري.
قال ابن عبد البر -رحمه الله- كما في «الفتح» (٤٩٣): حَدِيثُ اِبْن عَبَّاس هَذَا يَخُصُّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيد: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ» (٢)؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوص بِالْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِد، فَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس هَذَا، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
ثم نقل الحافظ الخلاف عن الحكم بن عمرو الغفاري، قال: فَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا نُقِلَ مِنْ الِاتِّفَاقِ. اهـ
قلتُ: أثر الحكم الغفاري عند عبد الرزاق (٢/ ١٨ - ١٩)، وإسناده صحيح.
• وقد منع ذلك أيضًا أحمد في رواية عنه، وقال سفيان: لا يعجبني ذلك.
• وذهب الشافعية إلى الكراهة.
والراجح قول الجمهور، وهو الجواز؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. (٣)
(١) أخرجه البخاري برقم (٧٦)، ومسلم برقم (٥٠٤).(٢) ذكره بالمعنى، وسيأتي في الكتاب برقم (٢٢٦).(٣) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (٤٩٣) (٢/ ٦١٤ - ٦١٥)، «الفتح» (٤٩٣) لابن حجر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute