[المطلب الثاني: المسألة المبنية: حكم لو اشترطت المرأة سكنى دار معينة فخربت الدار]
اختلف فقهاء الحنابلة في حكم لو اشترطت المرأة سكنى دار معينة فخربت الدار، هل يبطل هذا الشرط أم لا؟ على قولين:
القول الأول: يبطل شرط المرأة إذا تعذر الوفاء به كالسكن إذا خرب. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والمرداوي، والرحيباني، والدجيلي (١)(٢).
القول الثاني: لا يبطل شرط المرأة إذا تعذر الوفاء به كالسكن إذا خرب. والقائل بذلك: ابن نصر الله، وهو احتمال عند الدجيلي (٣).
سبب الاختلاف: هو سقوط الشرط إذا فُقد جزء منه، سواءً كليًّا أو جزئيًا، فمن قال: إنَّ الشرط يبطل أرجع ذلك إلى أن الشرط قد زال بخراب السكن؛ فيسقط الشرط تبعًا له، ومن قال: لا يبطل الشرط أرجع ذلك إلى أن المسلمين على شروطهم، فإن لم يفِ الزوج ببديل ترتضيه الزوجة، فللمرأة حق فسخ النكاح، والله أعلم.
الأدلة:
أدلة القول الأول: يبطل شرط المرأة إذا تعذر الوفاء به، كالسكن إذا خرب.
استدلوا على ذلك من المعقول:
• أن المنزل إذا خرب فلا يُعدُّ صالحًا للسكن، فيسقط هذا الشرط لعدم المقدرة على الوفاء به.
• أن للزوج أن يسكن بها حيث أراد، سواء رضيت الزوجة أو لا، لأنه الأصل، والشرط عارض، وقد زال بموت الأب، فرجعنا إلى الأصل، وهو محض حقه (٤).
• أن الشرط إذا فقد جزء من المشروط عليه، فإنه لا يلزم الوفاء به.
أدلة القول الثاني: لا يبطل شرط المرأة إذا تعذر الوفاء به، كالسكن إذا خرب:
(١) هو: سراج الدين، أبو عبد الله الحسين بن يوسف بن محمد بن أبي السري الدجيلي البغدادي، سمع من: إسماعيل بن الطبال، ومفيد الدين الحراني الضرير، وابن الدواليبي، وتفقه على تقي الدين الزريراني أبي الفتح البعلي، والحافظ المزي، وغيرهما، وتتلمذ على يد: عبد الحميد بن الزجّاج، والكمال البزار، ومفيد الدين الحربي، وغيرهم. من مؤلفاته: "الوجيز"، و"نزهة الناظرين"، و"تنبيه الغافلين"، توفي سنة ٧٣٢ هـ. ينظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (٢/ ١٥٩)، الأعلام، للزركلي (٢/ ٢٦٢)، معجم المؤلفين (٤/ ٦٨). (٢) ينظر: الإقناع (٣/ ١٩٠)، مطالب أولي النهى (٥/ ١٢٢)، إرشاد أولي النهى لدقائق المنتهى (ص: ١٠٨٧)، الإنصاف (٨/ ١٥٦)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٦٦)، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (٥/ ٢٦١). (٣) ينظر: الإنصاف (٨/ ١٥٦)، معونة أولي النهى شرح المنتهى (٩/ ١١٥)، إرشاد أولي النهى لدقائق المنتهى (ص: ١٠٨٧)، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (٥/ ٢٦١). (٤) ينظر: الإنصاف (٨/ ١٥٦).