للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: الفسخ بعد الدخول بالإعسار والرق؛ وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم خيار الفسخ بحدوث العيب بعد العقد وبعد الدخول]

تمهيد:

من مكارم الشريعة أن العيوب الطارئة بعد العقد التي تؤثر في النكاح ومقصده - سواء كانت جسدية أو مالية- قد اعتنى بها الفقهاء، وأولوا تلك المسائل أهمية من حيث فهمها وبناء الفروع عليها لعلة جامعة في الغالب، وهو ما سوف نستعرضه من خلال هذا المبحث، إن شاء الله.

نص البناء:

قال المصنف : [(و) يثبت الخيار أيضًا (بحدوثه) أي: العيب (بعد العقد، ولو بعد الدخول؛ قاله الشيخ) في "شرح المحرر" (وتعليلهم) بأنه عيب أثبتَ الخيار مقارنًا، فأثبتَه طارئًا، كالإعسار والرق (يدل عليه) أي: على ما قاله الشيخ من ثبوت الخيار ولو بعد الدخول (وهنا) أي: إذا كان الفسخ بعد الدخول لعيب طرأ بعده (لا يرجع) الزوج (بالمهر على أحد؛ لأنه لم يحصُل غَرَر) لأنه لا يعلم الغيب إلا الله] (١).

دراسة البناء:

اختلف فقهاء الحنابلة في ثبوت فسخ النكاح للعيب الطارئ بعد العقد على قولين:

القول الأول: يثبت الفسخ بالعيب الطارئ بعد العقد. والقائلون بذلك: الخرقي، وابن عبدوس، وأبو بكر، وأبو حفص، والشيرازي (٢)، وغيرهم (٣).

القول الثاني: لا يثبت الفسخ بالعيب الطارئ بعد العقد. والقائلون بذلك: أبو بكرٍ، وابن حامدٍ، وهو اختيار القاضي، وغيرهم (٤).


(١) كشاف القناع (٥/ ١١١).
(٢) هو: عبد الواحد بن محمد الشيرازي، المعروف بالمقدسي، تفقه على القاضي أبي يعلى، واجتمع له العلم والزهد، ونشر مذهب الإمام أحمد فيما حوله، ثم أقام بدمشق فنشر المذهب، وتخرج به الأصحاب، وسمع بها من أبي الحسن السمسار، وأبي عثمان الصابوني، ووعظ، واشتهر أمره، وحصل له القبول التام، وكان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول، شديدًا في السنّة، زاهدًا عارفًا، عابدًا متألهًا، وللشيخ أبي الفرج تصانيف عدّة في الفقه والأصول، منها: "المبهج"، و"الإيضاح"، و"التبصرة في أصول الدين"، و"مختصر في الحدود"، و"مختصر في أصول الفقه"، و"مسائل الامتحان"، وكتاب "المنتخب" في الفقه، تُوفي ٤٨٦ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة (٢/ ٢٤٨ - ٢٤٩)، تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة (١/ ٥٠١ - ٥٠٢ - ٥٠٣)، مناقب الإمام أحمد (ص: ٦٩٨).
(٣) ينظر: شرح الزركشي (٥/ ٢٤٤)، الشرح الكبير (٢٠/ ٥١١)، الإنصاف (٢٠/ ٥٠٥)، المغني (١٠/ ٦٠)، التنقيح المشبع (ص ٣٥٩)، الإقناع (٣/ ٢٠٠).
(٤) ينظر: الشرح الكبير (٢٠/ ٥١١)، شرح الزركشي (٥/ ٢٤٤)، الإنصاف (٢٠/ ٥٠٧).

<<  <   >  >>