[المطلب الثالث: المسألة المبنية الثانية: هل يلحق الولد من وطئ وطء شبهة في نكاح لم تكتمل شروطه]
اتفق فقهاء الحنابلة أن ولد النكاح الذي لم تكتمل شروطه يثبت له النسب بشبهة العقد، ويلحق والده في النسب. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والرحبياني (١).
سبب الاتفاق: أن الأنكحة المحرمة الفاسدة السابقة لها آثار، ومن آثارها لحوق الولد في وطء الشبهة لشبهة العقد مع إقامة عقوبة حد التعزير لتعاطيهما عقدًا فاسدًا مع علمهم بهذا.
الأدلة:
ويمكن أن يستدل على ذلك من السنة والمعقول:
أولاً: من السنة:
١ - ما روي عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ دخل عليها مسرورًا، تبرق أسارير وجهه، فقال:"ألم تري أن مجززًا المدلجي (٢) نظر آنفًا إلى زيد وأسامة وقد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض"(٣).
وجه الاستدلال:
دل منطوق الحديث على صحة الأخذ بالقافة، ودل مفهومه أنها من الأمور التي يؤخذ بها عند وجود شبهة في الوطء.
٢ - لما اختلف عبد بن زمعة (٤)، وسعد بن أبي وقاص في غلام. فقال سعد: هذا - يا رسول الله- ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد إلي أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد الله بن زمعة: هذا أخي - يا رسول الله- ولد على فراش أبي من وليدته. ورأى النبي ﷺ فيه شبهًا بينًا لعتبة. فقال:«لولد للفراش وللعاهر الحجر»(٥).
(١) ينظر: الإقناع (٣/ ١٩٣)، كشاف القناع (٥/ ٩٧)، مطالب أولي النهى (٥/ ١٢٨). (٢) هو: مجزز المدلجي القائف، وهو مجزز بن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج الكناني المدلجي، ينظر: أسد الغابة (٤/ ٢٩٠)، الإصابة (٥/ ٥٧٥)، الاستيعاب (٤/ ١٤٦١). (٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٨/ ١٥٧) برقم: (٦٧٧٠) (كتاب الفرائض، باب القائف)، ومسلم في "صحيحه" (٤/ ١٧٢) برقم: (١٤٥٩) (كتاب الرضاع، باب العمل بإلحاق القائف الولد). (٤) هو: عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤيّ القرشي العامري، أخو سودة أم المؤمنين، مات قبل فتح مكة، وأسلم ابنه عبد يوم الفتح. ينظر: الإصابة (٤/ ٣٢٢). (٥) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣/ ٥٤) برقم: (٢٠٥٣) (كتاب البيوع، باب تفسير المشبهات)، ومسلم في "صحيحه" (٤/ ١٧١) برقم: (١٤٥٧) (كتاب الرضاع، باب الولد للفراش وتوقي الشبهات).