المطلب الثاني: المسألة المبنية: حكم من أسقط شفعته قبل البيع برضًا منه
اختلف فقهاء الحنابلة في المسقط لشفعته قبل البيع برضا منه على قولين:
القول الأول: أن المسقط لشفعته قبل البيع برضا منه لا تسقط شفعته. والقائلون بذلك: أبو الخطاب، وابن عقيل، وابن قدامة، والبهوتي، والرحيباني، والمرداوي، وغيرهم (١).
القول الثاني: أن المسقط لشفعته قبل البيع برضا منه تسقط شفعته. والقائلون بذلك: الفتوحي، والرحيباني، وابن تيمية، وغيرهم (٢).
سبب الاختلاف: الذي يظهر لي أن سقوط الشفعة من عدمها يرجع لأمرين: (الوجوب والرضا)، فمن قال بعدم سقوطها أرجع ذلك لوجوبها في حق الشريك، حتى ولو أسقطها عن رضا. والأمر الثاني أن من قال: إنَّ الشفعة تسقط أرجع ذلك لرضا الشريك بالقول أو الفعل.
الأدلة:
أدلة القول الأول: أن المسقط لشفعته قبل البيع برضا منه فلا تسقط شفعته.
استدلوا من المعقول:
• أن المسقط لها إنما هو رضي بعد وجوبها ولم يوجد، كما لو أبرأه مما يستقرضه له (٣).
• لأنها ثبتت بوجود ملكه حين البيع (٤).
• أن البيع قبل العلم لا يدل على الرضا، فلا تسقط (٥).
أدلة القول الثاني: أن المسقط لشفعته قبل البيع برضا منه تسقط شفعته:
استدلوا من المعقول:
• أن الشفعة تسقط بإسقاط صاحبها لها قبل البيع (٦).
• أنه إذا باع بإذنه لا حق له فيه (٧).
(١) ينظر: الكافي (٢/ ٢٣٥)، الأسئلة والأجوبة الفقهية (٦/ ١٤٨)، الإنصاف (٦/ ٢٧١)، كشاف القناع (٤/ ١٤٥)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٣٤٠)، المبدع في شرح المقنع (٥/ ٦٧). (٢) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٢/ ١٣)، مطالب أولي النهى (٣/ ٢٨)، منتهى الإرادات (٢/ ٢٦٢)، الحاشية العثيمينية على زاد المستقنع (ص: ٣٨١). (٣) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٢/ ٣٤٠)، الأسئلة والأجوبة الفقهية (٦/ ١٤٨). (٤) الكافي (٢/ ٢٣٥). (٥) المرجع السابق. (٦) ينظر: زاد المعاد (٥/ ٥١٤)، الملخص الفقهي (٢/ ١١٧). (٧) ينظر: الممتع في شرح المقنع (٦٩٥) (٣/ ٧٠).