للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاعل باسمه ونسبه وما يميز به) بلا نزاع، (فإن لم يعرفه إلا بعينه فقال القاضي: تقبل شهادته أيضًا، ويصفه للحاكم بما يتميز به)، وهو المذهب" (١).

ثانيًا: ما ذكره المصنف من البناء في بعض المسائل مما يظهر منه مخالفة المذهب.

وإن كان الغالب - كما ذكرنا- أن البناء يكون موافقًا للمذهب، فإن المصنف قد يرد البناء لمخالفته للمذهب، ومن ذلك:

-المثال الأول: ربط البهوتي بين المسألتين: المبني عليها (حكم سقوط خيار الشرط برضا الزوجة من قول أو تمكين) والمبنية (حكم من أسقط شفعته قبل البيع برضًا منه) بسبب مشترك ولو من وجه واحد، وهو رضا كلٍّ من الزوجة في سقوط الشرط المتقدم على عقد النكاح، وكذلك رضا الشفيع في سقوط الشفعة التي من حقه قبل البيع، فلا أثر لهذا الشرط السابق للعقد إذا تخلى عنه صاحبه، وهذا الربط مخالف للمذهب لما أورده المرداوي في الإنصاف، حيث قال: " قوله: (وإن أسقط الشفعة قبل البيع لم تسقط) هذا المذهب. نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في: المغني، والشرح، والفروع، وشرح الحارثي، وغيرهم" (٢).

ثالثًا: تضعيف البناء من كتب المذهب الأخرى.

-مثال ذلك: بنى المصنف مسألة (حكم نظر الطفل غير المميز للمرأة) على (نظر الصبي المميز غير ذي شهوة إلى المرأة)، ولكن المرادوي ضعف بناء الطفل على الصبي المميز، فقال: "وقيل: كالطفل. ذكره في الرعاية الكبرى (٣). قلت: وهو ضعيف جدًا" (٤).

رابعًا: تعدد لفظ البناء الصريح في كتب المذهب مقابل البناء غير الصريح في كتاب الكشاف (٥).

-المثال الأول: استخدم البهوتي البناء غير الصريح باستخدام كاف التشبيه وأشبه، وربط بين المسائل بعلة مشتركة كان لها تأثير في ترتيب الحكم في كلٍّ منها، حيث قال: "لأنه شرط صفة مقصودة فبانت بخلافها، فأشبه ما لو شرطها حرة فبانت أمة" (٦). وعند دراسة المسألة وجدت أن


(١) ينظر: الإنصاف (١٢/ ٦١ - ٦٢).
(٢) الإنصاف (٦/ ٢٧١)، ينظر: للمسألة من البحث ص: ٤٩٨.
(٣) ينظر: الرعاية الكبرى (١/ ٩٣٢).
(٤) الإنصاف (٨/ ٢٣).
(٥) هذا النوع من المسائل لم أجد فيما وقفت عليه من رسائل المشروع للدكتور عبد الله العمري، والدكتورة دلال الزهراني إدراج هذا النوع، ولعلي أنصح من يقرأ رسالتي هذه: أن يشمر الهمة، ويكتب في المسائل التي حوت على بناء غير صريح، ككاف التشبيه وأشبه وغيرهما، والصريح كـ (البناء والقياس والتخريج) في آن واحد، سواء في المذهب الواحد أو فقه مقارن بين المذاهب.
(٦) كشاف القناع (٥/ ٩٩)، ينظر: للمسائل من البحث ص: ٦٨٤.

<<  <   >  >>