المبحث الخامس: بيع الوكيل لنفسه؛ وفيه ثلاثة مطالب:
[المطلب الأول: المسألة المبني عليه: حكم زواج الوكيل من موكلته لنفسه]
تمهيد:
من عناية الشريعة الإسلامية بأمور المرأة أنَّها عنيت بمسائل الوكالة المتعلقة بنكاح المرأة، وتفرع على ذلك فروع، سنتطرق في هذا المبحث إلى جزء منها، بمشيئة الله.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(وليس للوكيل) أن يتزوجها لنفسه، كالوكيل في البيع يبيع لنفسه] (١).
دراسة البناء:
اختلف فقهاء الحنابلة في حكم زواج الوكيل من موكلته لنفسه على قولين:
القول الأول: لا يصح زواج الوكيل من موكلته لنفسه. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والمرداوي، وابن تيمية، وغيرهم (٢).
القول الثاني: يصح زواج الوكيل من موكلته لنفسه. والقائل بذلك: المرداوي، وهو اختيار القاضي (٣).
سبب الاختلاف: الذي يظهر أن سبب الاختلاف قائم حول مفهوم الوكالة المطلقة والمقيدة وانتفاء الشبهة، فمن قال: لا يصح زواج الوكيل من موكلته، أرجع ذلك إلى أن الوكالة تكون مقيدة بالأقرب لحصول الشبهة من الأبعد، ومن قال: يصح زواج الوكيل من موكلته، أرجع ذلك للوكالة المطلقة ولانتفاء الشبهة.
الأدلة:
أدلة القول الأول: لا يصح زواج الوكيل من موكلته لنفسه:
يمكن أن يستدل على ذلك من السنة والمعقول:
أولاً: من السنة:
- قوله ﵇:«لا نكاح إلا بولي».
(١) كشاف القناع (٥/ ٥٧ - ٥٨). (٢) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٥٧)، المبدع في شرح المقنع (٦/ ١١٤)، الإنصاف (٨/ ٨٤)، الإقناع (٣/ ١٧٥)، المحرر في الفقه (١/ ٣٤٩). (٣) ينظر: الإنصاف (٢٠/ ٢٠٨)، شرح الزركشي (٥/ ٤٦).