اتفق فقهاء الحنابلة على جواز تزويج الأب لابنه البالغ المعتوه (١) بغير إذنه في حال حاجته. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، ومحمد بن عبد الوهاب، وغيرهم (٢).
سبب الاتفاق: الحاجة والمصلحة، فإن البالغ المعتوه يحتاج إلى الرعاية والاهتمام، والمصلحة تقتضي حفظ النفس وما تحتاج إليه، ومن المعلوم أن هذا من مقاصد الشريعة لجميع فئات المجتمع.
الأدلة:
استدلوا على ذلك من المعقول:
• أن البالغ المعتوه، للأب تزويجه مع ظهور أمارات الشهوة وعدمها (٣).
• أن الجنون يثبت الولاية على ماله، فأثبتها عليه في نكاحه، كالمستدام (٤).
• النظر إلى الحاجة والمصلحة للبالغ المعتوه أن الحاجة والمصلحة لا تنحصر في قضاء الشهوة، فقد تكون حاجته إلى الإيواء والحفظ (٥).
• أن البالغ المعتوه غير مكلف؛ فجاز لأبيه تزويجه كالصغير، فإنه إذا جاز تزويج الصغير مع عدم حاجته في الحال وتوقع نظره فعند الحاجة أولى (٦).
(١) المعتوه: هو المجنون المصاب بعقله. وقد عته فهو معتوه. النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ١٨١). وهناك من فرق بين العته والجنون بأن المعتوه: هو ناقص العقل، مختلط الكلام، قليل الفهم، فاسد الترتيب، لا يضرب ولا يشتم، والمجنون: من زاد على هذه الأشياء. فيضرب، ويشتم. ينظر: حاشية الروض المربع (١١/ ٢٢٨). (٢) ينظر: الإقناع (٣/ ١٧٠)، كشاف القناع (٥/ ٤٥)، مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني) (ص: ٦٤٥)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٣)، المغني (٧/ ٥٠)، المنور في راجح المحرر (ص: ٣٥١). (٣) ينظر: المغني (٧/ ٥٠)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٣). (٤) ينظر: المغني (٧/ ٥٠)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٤). (٥) ينظر: المغني (٧/ ٥١)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٤). (٦) المراجع السابقة.