للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المسألة المبنية: حكم طهارة الآدميين بعد الموت.]

اختلف فقهاء الحنابلة في طهارة الآدمي بعد موته على قولين:

القول الأول: أن الآدمي لا ينجس بالموت إطلاقًا والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وأبو الفرج، وابن مفلح، والمرداوي، والكلوذاني، وابن قدامة (١).

وقال المرداوي: " (ولا ينجس الآدمي بالموت)، هذا المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، مسلمًا كان أو كافرًا" (٢).

القول الثاني: أن الكافر ينجس بالموت. والقائلون بذلك: ابن قدامة، وأبو الفرج، وابن مفلح، والمرداوي (٣).

سبب الاختلاف: النجاسة والطهارة، فمن يرى أن جسد الآدمي بعد مماته طاهر فهو طاهر في الكافر والمسلم، ومن يرى أن الكافر نجس فيكون نجسًا بعد مماته بخلاف المسلم.

الأدلة:

أدلة القول الأول: أن الآدمي لا ينجس بالموت إطلاقًا.

ويستدل من والسنة والمعقول:

أولاً: من السنة:

لعموم قوله : «إن المؤمن لا ينجس» (٤).


(١) ينظر: الشرح الكبير (١/ ٣٠٤)، المبدع في شرح المقنع (١/ ٢١٥)، الإنصاف (١/ ٣٣٧)، زاد المستقنع في اختصار المقنع (ص: ٣٥)، الهداية (ص: ٦٥)، عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٥٩)، المغني (١/ ٣٥). ونقل جعفر بن محمد ما يدل على طهارته فقال: سألته عن الميت يغسل في البيت فيدخل الماء الحفيرة ينجس البيت؟ قال: لا، ولكن يرش عليه فلو كان نجسًا لحكم بنجاسة الماء. وقال في رواية مهنا: يصلي في الثوب الذي نشف فيه الميت، ولو كان نجسًا لم يطهر بالغسل، فإذا لم يطهر وجب أن ينجس الثوب الذي نشف فيه ويمنع من الصلاة فيه، وهو أصح لما روي عن النبي أنه قال: لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم لا ينجس حيًّا ولا ميتًا، ولأنه شرع غسله، فلو كان نجسًا لم يطهر بالغسل. ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (١/ ٢٠١).
(٢) الإنصاف (١/ ٣٣٧).
(٣) ينظر: المغني (١/ ٣٥) الشرح الكبير (١/ ٣٠٥)، المبدع في شرح المقنع (١/ ٢١٨)، الإنصاف (١/ ٣٣٧)، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (١/ ٤١٩). ونقل صالح وأبو الحارث ما يدل على نجاسته، فقال: الآدمي إذا مات في الماء فهو نجس ينزح. وسأله المروذي عن الماء الذي ينتضح من غسل الميت فيصيب الثوب أو الخف يرى أن يغسل، قال: نعم، لأنه حيوان لا يؤكل لحمه بعد الموت، فحكم بنجاسته كسائر الحيوانات. ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (١/ ٢٠١).
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٦٥) برقم: (٢٨٣) (كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس)، ومسلم في "صحيحه" (١/ ١٩٤) برقم: (٣٧١) (كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس).

<<  <   >  >>