للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: التخلية لمن لا شهوة له لنوافل العبادة؛ وفيه ثلاث مطالب]

[المطلب الأول: المسألة المبني عليه: حكم النكاح لمن لا شهوة له]

تمهيد:

قبل البدء في دراسة المسائل يتضح لي أن هناك ترابطاً بين مسائل الكتاب، فالمسألة السابقة لهذه المسألة مرتبطة بنوعية المسألة، فإن هناك تسلسلا في المسائل وتنوعا في البناء.

فالمسألة السابقة المبني عليها تتكلم عن اشتغال ذي شهوة بالنكاح أفضل من نوافل العبادة والتخلي له، وبناء مسألة تخلي العبادة لصاحب الشهوة مبنية على قول الصحابي (١).

بينما المسألة المبنية التي نحن في صدد التحدث عنها هي مستجدة، وهي حكم تخلي من لا شَهْوَة له لنوافل العبادة بناء على مسألة إباحة النكاح لمن لا شهوة له، فهي بناء فرع فقهي على فرع فقهي آخر، وهذا ما يميز هذه الدراسة.

نص البناء:

قال المصنف : [(ويباح) (٢) النكاح (لمن لا شهوة له) كالعنين (٣) والمريض والكبير؛ لأن العلة التي لها يجب النكاح أو يستحب - وهو خوف الزنا أو وجود الشهوة - مفقودة فيه، ولأن المقصود من النكاح الولد وهو في من لا شهوة له غير موجود، فلا ينصرف إليه الخطاب به، إلا أن يكون مباحًا في حقه كسائر المباحات لعدم منع الشرع منه، وتخليه إذن لنوافل العبادة أفضل لمنع من يتزوجها من التحصين


(١) وهذا النوع ليس محل الدراسة، حيث إن هناك مشروعًا بحثيًّا قد اكتمل في مركز الدراسات الإسلامية التابع لكلية الشريعة، بعنوان (المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي).
(٢) المباح: ما اقتضى خطاب الشرع التسوية بين فعله وتركه، من غير مدح يترتب عليه، ولا ذم. ينظر: شرح مختصر الروضة (١/ ٣٨٦)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (١/ ٤٢٦).
(٣) العنين هو: العاجز عن الوطء، وربما اشتهاه ولا يمكنه. ينظر: المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٣٨٧)، عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٤١٠)، المبدع في شرح المقنع (٦/ ١٦٦).

<<  <   >  >>