إنَّ المتأمل لكثيرٍ من الآراء الفقهية يجدها مخرّجة من أقوال الفقهاء، ولحاجة ذلك للتقعيد والتأكيد فإن من العلماء من جعل للبناء والتخريج ضوابط تراعى في قبوله، مع "أنه لا يشترط السلامة عن الخطأ ألبتة؛ لأن فروع كل علم إذا انتشرت وانبنى بعضها على بعض اشتبهت، وربما تصور تفريعها على أصول مختلفة في العلم الواحد فأشكلت، أو خفي فيها الرجوع إلى بعض الأصول، فأهملها العالم من حيث خفيت عليه، وهي في نفس الأمر على غير ذلك، أو تعارضت وجوه الشبه فتشابه الأمر، فيذهب على العالم الأرجح من وجوه الترجيح"(١).
وبعد البحث وجدت أن هناك ضوابط عامة للبناء والتخريج، ذكرها الدكتور عبد الله العمري في بداية المشروع، وهناك ضوابط خاصة ببناء الفروع على الفروع، وقد استخلصتها من محاضرات الدكتور عبد الكريم الحامدي في علم التخريج الأصولي والفروعي، وهي كالآتي:
[الضوابط العامة للبناء والتخريج]
أولاً: عدم الإكثار والمبالغة في التخريج، بذكر مسائل افتراضية:
مع ما عرف من أن المنقول عن الأئمة والمجتهدين من الفروع الفقهية، والاجتهادات، والفتاوى: لا يشمل حاجات الناس من الأحكام، ولا يكفي للإجابة عن تساؤلاتهم (٢)؛ إلا أن بعض الناس يرى أن القياس يحتاج إليه في معظم الشريعة مما يتعلق بالأمور العملية - الفقهية- لقلة النصوص الدالة على الأحكام الشرعية - زعموا- (٣)؛ وربما أدى هذا التصور إلى "ما يستجيزه فاعل ذلك من تخريج أقاويل إمامه من مسألة إلى مسألة أخرى، والتفريع على ما اعتقده مذهبًا له بهذا التعليل، .. ونسبة القولين إليه بتخريجه، وربما حمل كلام الإمام فيما خالف نظيره على ما يوافقه، استمرارًا لقاعدة تعليله، وسعيًا في تصحيح تأويله، وصار كل منهم ينقل عن الإمام ما سمعه، أو بلغه عنه، من غير ذكر سبب ولا تأريخ، فإن العلم بذلك قرينة في إفادة مراده من ذلك اللفظ، كما سبق، فيكثر لذلك الخبْط"(٤)، ومنه:"إنَّ أكثر المصنفين والحاكين: قد يفهمون معنى، ويعبرون عنه بلفظ يتوهمون أنه واف بالغرض، ولا يكون كذلك"(٥)؛ ومع فائدة التخريج، والقياس والبناء في