إنَّ من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس والعرض، وقد سدت كل الطرق المؤدية إلى انتهاكها بتحريم مقدماتها، إما بالنظر أو اللمس أو الخلوة أو بالاشتهاء وغيرها، وسوف نعرج في هذا المبحث على فروع فقهية تتضمن بعض هذه المقدمات كالخلوة بالأمرد ومضاجعته، وغيرها.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(وقال الشيخ: الخلوة بأمرد حسن ومضاجعته (١) كامرأة) أي: فتحرم لخوف الفتنة (ولو لمصلحة تعليم وتأديب، والمقر مولاه (٢) بضم الميم وفتح الواو وتشديد اللام) (عند من يعاشره كذلك) أي: مع الخلوة والمضاجعة (ملعون (٣) ديوث (٤)، ومن عرف بمحبتهم ومعاشرة بينهم يمنع من تعليمهم) سدًّا للباب (وقال أحمد لرجل معه غلام جميل - هو ابن أخته-: الذي أرى لك ألا يمشي معك في طريق)] (٥).
دراسة البناء:
واختلف الفقهاء في الخلوة بالأمرد الحسن على قولين:
القول الأول: تحريم الخلوة بالأمرد الحسن مطلقًا. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والمرداوي، وابن مفلح، وهو قول عن ابن تيمية (٦)(٧).
(١) المضاجعة: هي تواصل البشرتين دون الجماع، وقيل: هي المضاجعة أو المجامعة، بدليل: قول النبي ﵇ لماعز ﵁: «فقال النبي ﷺ: إنك قد قلتها أربع مرات، فبمن زنيت؟» قال: بفلانة، قال: «هل ضاجعتها؟» قال ماعز: نعم، قال رسول الله ﷺ: «هل باشرتها؟» قال ماعز: نعم، قال: «هل جامعتها؟» قال: نعم. وإنما استفسر عن المضاجعة والمباشرة والمجامعة لئلا يبقى فيه شبهة عن فهم الزنا، فلعله يفهم المباشرة وغير ذلك من الزنا. ينظر: تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (١/ ٢٢١)، فتح الباري (٩/ ٣٠٣)، بذل المجهود في حل سنن أبي داود (١٢/ ٥٠٠). (٢) المقر مُوَلَّاه: يقصد به ومن أقر صبيًّا يتولاه: مثل ابنه وأخيه أو مملوكه أو يتيم عند من يعاشره على هذا الوجه، فهو ديوث ملعون. الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٠٢). (٣) معلون: هو الطرد والإبعاد، يقال: ملعون، ولعين، أي: مطرود، وطريد. حلية الفقهاء (ص: ١٨٢). (٤) ديوث: هو الذي لا يغار على أهله. النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ١٤٧). (٥) كشاف القناع (٥/ ١٦). (٦) ينظر: الإقناع (٣/ ١٥٩)، كشاف القناع (٥/ ١٦)، الإنصاف (٨/ ٣٢)، الفروع (٥/ ١١٣)، المبدع شرح المقنع (٧/ ١١)، مطالب أولي النهى (٥/ ١٩)، منار السبيل (٢/ ١٤٢) الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٠٢). (٧) سئل ابن تيمية عن اصطحاب الأمرد بلا خنا مع علم أهل الأمر، فكان جوابه: الصبي الأمرد المليح بمنزلة المرأة الأجنبية في كثير من الأمور، ولا يجوز تقبيله على وجه اللذة بل لا يقبله إلا من يؤمن عليه: كالأب والإخوة. الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٠٢).