للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: هل تزول العنة لمن وطئ في الدبر؟]

تمهيد:

من حرص الشريعة الإسلامية تقنين الأحكام والحالات في النكاح مراعية مصلحة النكاح، والابتعاد عن كل ما فيه ضرر للزوج والزوجة، وهذا ما سوف نتطرق إليه في هذا المبحث.

نص البناء:

قال المصنف : [(فإن وطئها في الدبر) لم تزل العُنة، لأنه ليس محلاً للوطء، فأشبه الوطء فيما دون الفرج، ولذلك لا يتعلق به إحصان، ولا إحلال لمطلِّقها ثلاثًا (أو) وطئها (في نكاح سابق، أو وطء غيرها، لم تزل العُنَّة؛ لأنها قد تطرأ)؛ ولأن حكم كل امرأة يعتبر بنفسها، والفسخ لزوال الضرر الحاصل بعجزه عن وطئها، وهو لا يزول بوطء غيرها] (١).

دراسة البناء:

اختلف فقهاء الحنابلة في عُنَّة الرجل الذي يأتي المرأة في دبرها بعد إقرارها بعُنَّة زوجها على قولين:

القول الأول: لا تزول عُنَّة الزوج بعد إقرار الزوجة بعُنَّة زوجها. القائلون بذلك: المرداوي، والحجاوي، والبهوتي، والدجيلي، وابن عقيل، وأبي بكر (٢).

القول الثاني: تزول العُنَّة بعد إقرار الزوجة بعُنَّة زوجها. القائلان بذلك: ابن مفلح، والمرداوي (٣).

سبب الاختلاف: يرجع سبب الاختلاف - والله أعلم- إلى ثلاثة أمور: إقرار الزوجة، وطريان العُنَّة، ومحل الإتيان، فمن قال لا تزول يرى أن العنة جبلة لا يمكن تغيرها، وأن الدبر ليس محلاً للوطء. ومن قال إنها تزول فهو يرجع لطريانها، وإمكان شفائه منها.

الأدلة:

أدلة القول الأول: لا تزول العُنَّة.

استدلوا على ذلك من المعقول:

• أن الوطء في الدبر أصعب، فمن قدر عليه كان على غيره أقدر (٤).


(١) كشاف القناع (٥/ ١٠٧).
(٢) ينظر: المبدع شرح المقنع (٧/ ٥٦٧)، الإنصاف (٢٠/ ٤٩١)، الإقناع (٣/ ١٩٨)، الوجيز في الفقه (ص ٣٤٣)، كشاف القناع (٥/ ١٠٧).
(٣) ينظر: الفروع وتصحيح الفروع (٨/ ٢٨٢)، الإنصاف (٢٠/ ٤٩٤).
(٤) المبدع شرح المقنع (٧/ ٥٦٨).

<<  <   >  >>