إلى الأصول، ومن تأصيل المسألة معرفة نظيرها، وما يشبهها؛ لأن حكم المسألة قد يبنى على حكم مسألة أخرى.
٥ - ومن أهمية البناء في الفروع الفقهية معرفة الخلاف داخل المذهب، وبين المذاهب الأخرى.
٦ - أن البناء يساعد المجتهد والمقلد على فهم كيفية سرد وترتيب وربط الفروع بأمهات المسائل، ومن ثم يستطيع ربط الفرع بفرع آخر.
٧ - أن البناء الفقهي ذو أهمية بالغة خاصة في النوازل الفقهية المستحدثة، وخاصة في المسائل الحادثة وما تفرع عنها من مسائل مشابهة لها.
ثانيًا: مسوغات البناء في مسائل الفقه:
ترجع مسوغات البناء لعدة أمور، منها:
أولاً: تنوع الأصول الفقهية للمسائل، وتفاوت درجاتها:
يلاحظ أن الأصول التي تبنى عليها الفروع الفقهية تتفاوت درجاتها، وتتنوع حالاتها؛ فيكون البناء والتأصيل على: قاعدة أصولية، أو فقهية، وقد يكون الأصل مسألة من المسائل الفقهية التي تتميز بالسعة، والشمول .. ، مما يسمى: (أمهات المسائل)، ومنه بناء مسائل فقهية على أشباهها، ونظائرها، وهذا التأصيل "من أهم ما يجب الاعتناء به" (١).
ولما كانت الأصول تتفاوت؛ فإن التشابه بين الفروع معتبر في الأمور التي يبنى عليها الحكم؛ فإن عند الفقهاء (الاستدلال بالشيء على مثله) (٢).
ثانيًا: إطلاق الفقهاء الأصول، والقواعد على المسائل الفرعية الفقهية:
إن إطلاق الفقهاء تسمية المسائل الفرعية بـ (الأصول) شائع في كتب المذاهب، ومن أمثلة ذلك عند الحنابلة:
١ - (مسألة: قال: وإن كانت أمة، اعتدت بأحد عشر شهرًا، تسعة أشهر للحمل، وشهران للعدة). هذه المسألة مبنية على أصلين: أحدهما: أن الحرة تعتد بسنة إذا ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه. الثاني: أن عدة الأمة الآيسة شهران، فتتربص تسعة أشهر؛ لأن مدة الحمل تتساوى فيها الحرة والأمة، لكونه أمرًا حقيقيًّا، فإذا يئست من الحمل، اعتدت عدة الآيسة
(١) البحر المحيط (٧/ ٢٩٣)، وينظر: إرشاد الفحول (٢/ ١٣٦). ويأتي مزيد بحث عن البناء بالتشابه بين الفروع (ص: ١٨٣).
(٢) البحر المحيط (٧/ ٢٩٣)، وينظر: إرشاد الفحول (٢/ ١٣٦).