[المطلب الثالث: علاقة البناء في الكشاف بما سبقه من كتب المذهب.]
أولاً: موافقة بناء المسائل للمذهب.
الغالب من مسائل الكشاف موافقتها للمذهب، وهو ما تبع فيه أصله الإقناع، وكثيرًا ما يظهر التوافق بين القول الراجح في المسألة المبنية والمبني عليها، ومن أمثلة ذلك:
-المثال الأول: ربط البهوتي ﵀ بين المسألتين: المبني عليها (حكم كفاءة الرجل المعسر للمرأة الموسرة في النكاح)، والمبنية (حكم كفاءة ولد الزنا لذوي نسب) بالعلة المشتركة، وهي الضرر الحاصل على كل من المرأة الموسرة وولد الزنا، حيث قال البهوتي ﵀:"لأن على الموسرة ضررًا في إعسار زوجها؛ لإخلاله بنفقتها ومؤنة أولاده"(١)، ثم قال:"لأن المرأة تتضرر به، هي وأولياؤها، ويتعدى ذلك إلى ولدها"(٢)، والربط والبناء موافق للمذهب لما أورده المرداوي ﵀ في الإنصاف، حيث قال:"وهي أصح. وهو المذهب عند أكثر المتأخرين … قلت: وهو الصواب الذي لا يُعدَل عنه"(٣).
-المثال الثاني: ربط البهوتي ﵀ بين المسألتين: المبني عليها (حكم من زالت بكارتها بإصبع أو وثبة أو شدة حيضة وسقوط من شاهق) والمسألة المبنية (حكم من وُطِئت في الدبر وما دون الفرج) بالعلة المتماثلة التي من أجلها اتَّحد الحكم فيها، وهي حصول زوال البكارة بلا قصد، وإنما بعارض خارجي، فلا تأخذ حكم الثيب، لا حقيقةً ولا حكمًا، والربط والبناء موافق للمذهب لما أورده المرداوي ﵀ في الإنصاف، حيث قال:" قوله: (فأما زوال البكارة بإصبع، أو وثبة؛ فلا تغير صفة الإذن) وكذا الوطء في الدبر، على الصحيح من المذهب في ذلك كله، وعليه الأصحاب"(٤).
-المثال الثالث: جمع البهوتي ﵀ بين المسألتين: المبني عليها (حكم ولاية النكاح للأعمى) والمبنية (حكم شهادة الأعمى) بجامع العلة المشتركة بينهما، وهي عدم تأثر النكاح والشهادة بالعمى؛ إذ إنَّه ليس شرطًا في صحة النكاح والشهادة، فلا تأثير له في صحة النكاح والشهادة، والربط والبناء موافق للمذهب لما أورده المرداوي ﵀ في الإنصاف، حيث قال: " (وتجوز شهادة الأعمى في المسموعات، إذا تيقن الصوت وبالاستفاضة، وتجوز في المرئيات التي تحملها قبل العمى إذا عرف
(١) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٦٨). (٢) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٦٨). (٣) الإنصاف (٨/ ١٠٦)، ينظر: للمسألة من البحث ص: ٤٨٦. (٤) الإنصاف (٨/ ٦٥)، ينظر: للمسألة من البحث ص: ٤٤٥.