للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: نظر الرجل بدابة يشتهيها ولا يعف عنها]

تمهيد:

من محاسن الشريعة الإسلامية أنها اهتمت بأدق المسائل والفروع التي قد يبدو للناظر أنَّ فيها شيئًا من الغرابة، ولكن المسائل قد حدثت، فلا بد من معرفة الحكم فيها، وخاصة في المذهب الحنبلي، وما هو سبب بناء المسائل على بعضها، وهو ما سوف ندرسه في هذا المبحث.

نص البناء:

قال المصنف : [(ويحرم النظر مع شهوة تخنيث وسحاق ودابة يشتهيها، ولا يعف عنها) قاله ابن عقيل (١)، وهو ظاهر كلام غيره (وكذا الخلوة بها) أي: بدابة يشتهيها ولا يعف عنها لخوف الفتنة … (وتحرم) الخلوة (بحيوان يشتهي المرأة أو تشتهيه كالقرد) ذكره ابن عقيل وابن الجوزي والشيخ تقي الدين لخوف الفتنة (٢).

دراسة البناء:

اتفق فقهاء الحنابلة على تحريم نظر الرجل لدابة بشهوة، ولا يستطيع أن يعف نفسه عنها. والقائلون بذلك: الحجاوي، وابن مفلح، والبهوتي، والمرداوي، وغيرهم (٣).

سبب الاتفاق: أن الأصل في النظر إلى الحيوانات الإباحة لكن لما قيد الأمر بخوف الفتنة وباشتهاء الحيوان ولا يستطيع أن يعف نفسه عنها بفعل الفاحشة فيها، هذا القيد أخرجها من حكم الإباحة إلى التحريم عند فقهاء المذهب.

الأدلة:

يمكن أن يستدل على ذلك من الكتاب:

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [سورة النور: ٢١].


(١) هو: علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن محمد بن عبد الله، أبو الوفاء الفقيه، شيخ الحنابلة، ومصنف التّصانيف. سمع: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الملك بْن بِشران، وأبا الفتح بْن شيطا المقرئ، والقاضي أبا يَعْلَى، وغيرهم. روى عَنْهُ: أبو حفص المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيرهما، وتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، لَهُ كتاب "الفنون" لم يصنَّف في الدُّنيا أكبر منه، توفي سنة ٥١٣ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة (٢/ ٢٥٩)، تاريخ الإسلام (١١/ ٢٠٣ - ٢٠٤).
(٢) كشاف القناع (٥/ -١٥ - ١٦).
(٣) الإقناع (٣/ ١٥٩)، الفروع (٨/ ١٨٨)، كشاف القناع (٥/ ١٦)، الإنصاف (٢٠/ ٥٧)، المبدع شرح المقنع (٧/ ١١)، المنتهى (٢/ ٦٢٧)، الفوائد المنتخبات (٣/ ٢٦٥)، مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات (ص: ٤٠٦).

<<  <   >  >>