للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم تزويج الأب ابنه الصغير والمجنون بغير إذنه]

تمهيد:

من مقاصد الشريعة مراعاة المصلحة والحاجة لحفظ النفس، بتولية الأب والسيد على من استرعاهم الله تحت أيديهم من الصغار والمجانين ومن به عته، ففي هذا المبحث سنتطرق لبعض الفروع المتعلقة بهذا الأمر.

نص البناء:

قال المصنف : [(وليس لهم) أي: للبنين الصغار والمجانين إن زوجهم الأب (خيار إذا بلغوا) وعقلوا، كما لو باع ما لهم ونحوه … (و) للأب أيضًا تزويج (ثيب لها دون تسع سنين)؛ لأنه لا إذن لها (بغير إذنهم) أي: البنين الصغار، والمجانين، والبنت البكر (١)، والثيب (٢) التي لها دون تسع سنين لما تقدم … (وليس للأب تزويج ابنه البالغ العاقل بغير إذنه) لأنه لا ولاية له عليه (إلا أن يكون سفيهًا، وكان) النكاح (أصلح له) بأن يكون زمِنًا أو ضعيفًا يحتاج إلى امرأة تخدمه، فإن لم يكن محتاجًا إليه فليس لوليه تزويجه (وله) أي: الأب (قبول النكاح لابنه الصغير) ولو مميزًا (و) لابنه (المجنون) لما تقدم، وكذا البالغ المعتوه، وفي ظاهر كلام أحمد والخرقي مع ظهور أمارات الشهوة وعدمها … (ويملك) السيد (إجبار عبده الصغير ولو) كان العبد (مجنونًا) فيجبره ولو كان بالغًا؛ لأن الإنسان إذا ملك تزويج ابنه الصغير والمجنون فعبده الذمي كذلك مع ملكه، وتمام ولايته عليه أولى] (٣).

دراسة البناء:

اتفق فقهاء الحنابلة أنه يصح للأب تزويج ابنه الصغير والمجنون بغير إذنه. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والكلذواني، وأبو الفرج، وغيرهم (٤).

سبب الاتفاق: الحاجة والمصلحة، فالصغير والمجنون يحتاجان إلى الرعاية والاهتمام، والمصلحة تقتضي حفظ النفس وما تحتاج إليه، ومن المعلوم أن هذا من مقاصد الشريعة لجميع فئات المجتمع.

الأدلة:

استدلوا من المعقول:


(١) البكر: هي التي لم يسبق لها الزواج، ولم تزل بكارتها بوطء سابق، أو هي التي لم تمارس الرجال بالوطء في محل البكارة. ينظر: المغني (٩/ ٧٧).
(٢) الثيب: من وطئت في القبل لا في الدبر بآلة الرجال. ينظر: كشاف القناع (٥/ ٤٦).
(٣) كشاف القناع (٥/ ٤٤ - ٤٣ - ٤٥)
(٤) ينظر: الإقناع (٣/ ١٧٠ - ١٦٩)، كشاف القناع (٥/ ٤٣)، الهداية (ص: ٣٨٤)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٣).

<<  <   >  >>