للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: المسألة المبنية الثانية: حكم قبول إشارة الأخرس في الطلاق]

اتفق فقهاء الحنابلة أن إشارة الأخرس المفهومة تصح في الطلاق. والقائلون بذلك: البهوتي، وابن قدامة، والرحيباني (١)، وغيرهم.

سبب الاتفاق: أن الإشارة إذا كانت مفهومة من الأخرس فإنها معتبرة في الطلاق.

الأدلة:

واستدل على ذلك من السنة والمعقول:

أولاً: من السنة:

عن ابن عمر قال: سمعت النبي يقول: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا (٢)، وقبض إبهامه في الثالثة» (٣).

وجه الاستدلال:

يدل مفهوم الحديث أن الإشارة المفهومة كالنطق الصريح، ومنها طلاق الأخرس.

قال عبد الله بن حنبل: "سألت أبي عن طلاق الأخرس، فقال: إن كان يعقل أو يشير، فطلاقه جائز" (٤).

ثانيًا: من المعقول:

• أنه لا طريق إلى الطلاق إلا بالإشارة فقامت إشارته مقام الكلام من غير نية كالنكاح (٥).

• أن إشارة الأخرس معتبرة في كل تصرفاته ومعاملاته، وهذا من باب استحسان الضرورة لما قد يصيب الأخرس من ضرر وحرج لو لم تعتبر إشارته (٦).

• أن الطلاق معنى لا يعرف إلَّا من جهته، فتصحُّ بإشارتِهِ (٧).


(١) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٢٣٣)، مطالب أولي النهى (٥/ ٣٤٦) الشرح الكبير (٧/ ٣٧٣)، المغني قدامة (٧/ ٨٠)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٣٢)، كشف المخدرات (٢/ ٥٨٤).
(٢) يقصد بها: تسعًا وعشرين، يقول مرة: ثلاثين، ومرة: تسعًا وعشرين. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٢٥/ ٤٢٤)، فيض الباري على صحيح البخاري (٥/ ٦٠٠).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٧/ ٥٣) برقم: (٥٣٠٢) (كتاب الطلاق، باب اللعان)، ومسلم في "صحيحه" (٣/ ١٢٢) برقم: (١٠٨٠) (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال).
(٤) مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص: ٣٤١).
(٥) المغني (٨/ ٤١٢).
(٦) الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية (ص: ٣٠٣).
(٧) كشاف القناع (٥/ ٣٩).

<<  <   >  >>