[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: نظر الصبي المميز غير ذي شهوة إلى المرأة]
تمهيد:
من عناية الفقهاء التعرض لأغلب مسائل النظر، بالأخص مسائل المرأة، فنلحظ ذلك في المباحث السابقة، ويمكن القول: إنَّ الفقه منهج حياة، يستمد منه المتعلم فهم المسائل وترابطها، وما يترتب عليها من أحكام، وهو ما سنتطرق إليه في هذا المبحث.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(ولصبي مميز (١) غير ذي شهوة نظر ما فوق السرة وتحت الركبة)، لأنه لا شهوة له أشبه الطفل، ولأن المحرم للرؤية في حق البالغ كونه محلاً للشهوة، وهو معدوم هنا)] (٢).
دراسة البناء:
اختلف فقهاء الحنابلة في موضع نظر الصبي المميز غير ذي شهوة من المرأة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن موضع نظر الصبي المميز من المرأة ما فوق السرة وتحت الركبة. والقائلون بذلك: الحجاوي، وابن قدامة، وابن تيمية، والبهوتي، والمرداوي، وابن مفلح، وغيرهم (٣).
القول الثاني: أن موضع نظر الصبي المميز كنظر البالغ، وهي رواية ذكرها ابن قدامة (٤)(٥).
القول الثالث: أن موضع نظر الصبي المميز كالمحرم، وهي رواية عن أحمد (٦)(٧)(٨).
(١) الصبي المميز: هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب ولا ينضبط بسن بل يختلف باختلاف الإفهام، القواعد والفوائد (ص: ١٦). (٢) كشاف القناع (٥/ ١٤). (٣) الإقناع (٣/ ١٥٩)، المقنع (ص: ٣٠١)، المحرر في الفقه (٢/ ١٣)، كشاف القناع (٥/ ١٤)، الشرح الكبير على المقنع (٢٠/ ٤٤)، الإنصاف (٨/ ٢٣)، المبدع شرح المقنع (٧/ ٩)، الهداية (ص: ٣٨٢)، نيل المآرب (٢/ ١٤٠)، مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات (ص: ٤٠٥)، عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٤١٠). (٤) ينظر: الكافي (٣/ ٤). (٥) فمن المعلوم بالضرورة أن البالغ كالأجنبي لا يصح منه النظر للمرأة الأجنبية أو إلى شيء من بدنها إلا لحاجة ملحة كما بينت في المسائل السابقة. (٦) ينظر: الكافي (٣/ ٤). (٧) مسألة تمييز الصبي مختلف في القول الثاني والثالث الذي أوردته فأغلب فقهاء المذهب يرون أن هذا التقسم يشمل المميز ذي شهوة فقالوا: "فإِن كان ذا شهوة فهو كذي المحرم، وعنه أنه كأجنبي". ينظر: المقنع (ص: ٣٠١)، الممتع في شرح المقنع (٣/ ٥٣٨)، الإنصاف (٨/ ٢٣)، المبدع شرح المقنع (٧/ ٩)، إلا أن ابن قدامة خالفهم ولم يفرق بين الصبي ذي الشهوة ومعدوم الشهوة، حيث قال: وفي المميز روايتان: إحداهما: هو كالبالغ. والثانية: هو كذي المحرم ينظر: ينظر: الكافي (٣/ ٤). (٨) وابن قدامة قال بالقول الثاني والثالث فلم أقف على ذلك إلا في كتابه الكافي ينظر: الكافي (٣/ ٤) وقال المرداوي: "وأطلق في الكافي في المميز روايتين". الإنصاف (٨/ ٢٣).