للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المسألة المبنية: حكم ملك منافع عقد الإجارة]

اتفق فقهاء الحنابلة على أن منافع الإجارة مملوكة لمالكها. والقائلون بذلك: البهوتي، وابن مفلح، وابن المنجى، وأبو البركات وغيرهم (١).

سبب الاتفاق: الملك، فمالك العين يملك منفعة العين المستأجرة.

يمكن الاستدلال عليه بعموم أدلة الإجارة من الكتاب والمعقول:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [سورة الكهف: ٧٧].

وجه الاستدلال:

دلت الآية على معنى الإجارة بجواز طلب الأجر مقابل منفعة بناء الجدار (٢).

قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سورة البقرة: ٢٣٣].

وجه الاستدلال:

أوجبت الآية على الوالد أن ينفق على أُمِّ رضيعِهِ ويكسوَها، سواء أكانت زوجة له أم مطلقة منه، وذلك أجرة لها على إرضاع ولدهما، ولا تكون الأجرة إلا لمنفعة بين طرفين (٣).

ثانيًا: من السنة:

عن عائشة في حديث الهجرة: «أن النبي استأجر هو وأبو بكر عبد الله بن أريقط الليثي، وكان هاديًا خرٍّيتًا (٤) (٥).

وجه الاستدلال:

أنَّ الإجارة كانت لأجل الدلالة على الطريق، فهي إجارة على منفعة، وتكون لمالكها.


(١) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٤٤)، المبدع في شرح المقنع (٦/ ١٠٠)، الممتع في شرح المقنع (٦٩٥) (٣/ ٥٥٤)، شرح الزركشي (٢/ ٣٥٠)، الشرح الكبير (٦/ ٣)، (٦/ ٤)، المحرر في الفقه (١/ ٣٥٥)، الأسئلة والأجوبة الفقهية (٥/ ٢٣٥)، الواضح في شرح الخرقي (٦٨٤) (٢/ ٢٩٠)، معونة أولي النهى شرح المنتهى (٩٧٢) (٦/ -١٠٠ - ١٠٣ - ٩٩).
(٢) ينظر: تفسير الرازي (٢١/ ٤٨٨)، تفسير يحيى بن سلام (١/ ١٩٩)، (٢/ ٧٤٠)، التفسير الوسيط (٥/ ٩٠٥)، تفسير ابن كثير (٥/ ١٨٤).
(٣) ينظر: التفسير الوسيط (١/ ٣٩٢)، تفسير الرازي (١٠/ ٥١).
(٤) الخريت: هو الماهر في الدلالة، الذي يهتدي لأخرات المفازة، وهي طرقها الخفية ومضايقها. ينظر: الغريب في نهاية الحديث والأثر (٢/ ١٩).
(٥) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣/ ٨٩) برقم: (٢٢٦٤) (كتاب الإجارة، باب إذا استأجر أجيرًا ليعمل له بعد ثلاثة أيام).

<<  <   >  >>