للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الكلام في البناء]

نوع البناء: يظهر من نص البهوتي أنَّ البناء لم يكن بلفظ صريح في المسألة المبنية.

الجامع بين المسألتين: جمع البهوتي بين المسألة المبني عليها والمبنية بالعلة المشتركة بينهما، وهي زوال العقل واستدامة الحال بقوله: "فإن دام به صار كالمجنون" (١)، فالعلة في المسألة المبني عليها أمر طارئ وهو المرض الذي استدام ولم يزل عنه وأذهب العقل، وكذلك الجنون في المسألة المبنية ذهب عقله واستدام حاله.

من صرح بالبناء من الحنابلة: الذي يظهر لي أن البهوتي لم يتفرد بهذا البناء، وإنما ذكره ابن قدامة بقوله: "ولنا، على التسوية (٢) بين الطارئ والمستدام، أنه معنى يثبت الولاية، فاستوى طارئه ومستدامه، كالرق، ولأنه جنون يثبت الولاية على ماله، فأثبتها عليه في نكاحه، كالمستدام" (٣).

صيغة ورود البناء عند فقهاء الحنابلة:

غير الصريحة:

- (التسوية) (٤).

- كاف التشبيه: (كالمجنون) (٥).

منهج البهوتي في البناء: ربط البهوتي بين المسائل بكاف التشبيه والتسوية بين الحالات المذكورة في المسائل بجامع العلة المشتركة، وهذا يدل على سعة علمه وفهمه وربط المسائل وترتيب الأحكام المتشابهة وإلحاقها ببعضها .

قول الأصوليين في كاف التشبيه والتسوية:

تقدم سابقًا قول الأصوليين في كاف التشبه (٦)، وارتباط المسألة المبني عليها والمبنية من حيث العلة، وما يترتب عليه الحكم بناء على ذلك.


(١) كشاف القناع (٥/ ٤٤).
(٢) قال السبكي: التسوية هي الوجه، والله سبحانه أعلم. التقرير والتحبير (٥/ ١١٣)، وقال أبو الوفاء: اعلم أن المعارضة قياس يعتمد فيه على المناقضة، وهي نوع من القياس، ألا ترى أن عمادها التسوية بين ما عورض به وبين ما عورض، فكل معارضة قياس، وليس كل قياس معارضة، ألا ترى أن النحو تقاس فيه الفروع على الأصول، فالاعتماد فيه على القياس، وليس الاعتماد فيه على المعارضة، وكذلك الفقه تقاس فيه الفروع على الأصول، ولا تعارض. الواضح في أصول الفقه (١/ ٤٣٧).
(٣) المغني (٧/ ٥١).
(٤) ينظر: المغني (٧/ ٥١)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٤).
(٥) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٤٤)، شرح الزركشي (٥/ ٩٨)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٥).
(٦) ينظر: ص: ٢٩١.

<<  <   >  >>