[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم تقديم نكاح من يخاف الزنى على الحج الواجب.]
تمهيد:
من عناية الشريعة الإسلامية اهتمامها بمصالح العباد وتقديم الأصلح، كلّ على حسب حاله، وهو ما سنتطرق إليه في هذا المبحث من حيث تقدم المباح على الواجب للضرورة.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [ما أشير إليه بقوله (ويجب على من يخاف الزنا) بترك النكاح (من رجل وامرأة)، سواء كان خوفه ذلك (علمًا أو ظنًّا)؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح، (ويقدم حينئذ) وجب (على حج واجب نصًّا (١) لخشية الوقوع في المحظور بتأخيره، بخلاف الحج (٢)(٣).
دراسة البناء:
اختلف فقهاء الحنابلة في تقديم نكاح من يخاف العنت على الحج الواجب على قولين:
القول الأول: يجب تقديم نكاح من يخاف العنت على الحج، والذين قالوا بذلك: الحجاوي، البهوتي، المرداوي، ابن قدامة، ابن تيمية (٤).
(١) يكون النكاح واجبًا في حال خاف العنت على نفسه، فيقدم حينئذ على الحج الواجب مع الاستطاعة، وهي رواية منصوصة عند أحمد ﵀: "وإن كان عنده مائتا درهم تبلغه الحج وخاف على نفسه الفتنة أمرته أن يتزوج ولا يحج". مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (١/ ٢٦٥). (٢) كشاف القناع (٥/ ٧). (٣) المسألة المبنية وجدتها في كتاب الحج، حيث قال البهوتي ﵀: (ويقدم النكاح مع عدم الوسع) للنكاح والحج (من خاف العنت نصًّا)، وقوله: (ومن احتاج إليه) أي: ويقدم النكاح مع عدم الوسع من احتاج إليه، لم أره لغيره، بل قال في المستوعب: وإن كان لا يخاف العنت فلا اعتبار بهذه الحاجة قولاً واحدًا. اهـ، لأنه لا تعارض بين واجب ومسنون. كشاف القناع (٢/ ٣٨٩). (٤) ينظر: الإقناع (٣/ ١٥٧)، كشاف القناع (٥/ ٧)، الإنصاف (٢٠/ ١٤/ ١٥/ ٢١)، المبدع شرح المقنع (٧/ ٤)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٢)، مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات (ص: ٣٨٨)، الشرح الكبير على المقنع (٨/ ٤٧)، الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص ٢٩١ - ٢٩٢)، الفتاوى الكبرى (٥/ ٤٤٩).