[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: قبول إشارة الأخرس المفهومة في النكاح بالإيجاب وعدمه]
تمهيد:
من محاسن الشريعة الإسلامية أنها اهتمت بأدق المسائل والفروع، ومنها المسائل التي تختص بالأخرس (١)، وفي هذا المبحث سوف نعرج على بعض الفروع التي ذكرها البهوتي في كتاب الكشاف.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(ويصح إيجاب أخرس وقبوله) النكاح (بإشارة مفهومة يفهمها صاحبه) العاقد معه (و) يفهمها (الشهود) لأن النكاح معنى لا يستفاد إلا من جهته، فصح بإشارته، كبيعه وطلاقه] (٢).
دراسة البناء:
اتفق فقهاء الحنابلة أن إشارة الأخرس المفهومة يصح بها عقد النكاح. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، وابن مفلح، والرحيباني، وغيرهم (٣).
سبب الاتفاق: أن الإشارة إذا كانت مفهومة من الأخرس فإنها معتبرة في عقد النكاح.
دلت الآية على أن الإشارة تقوم مقام الكلام، "إنه أشار إليهم ﵇ وأومأ بيده، فقامت الإشارة في هذا الموضع مقام القول؛ لأنها أفادت ما يفيده القول، وهذا يدل على أن إشارة الأخرس معول عليها قائمة مكان القول"(٤).
(١) الأخرسُ: هو الذي لا يستطيعُ النُّطقَ، وهو نوعان: خَرَسٌ لازمٌ، وخَرَسٌ عارضٌ، فاللازم: أن يكون ملازمًا للمرءِ مِن صغرِه، والعارضُ هو الذي يحدثُ للمرءِ إما بحادثٍ، أو بمرضٍ، أو بغير ذلك. الشرح الممتع (٤/ -٢٢٧ - ٢٢٦). (٢) كشاف القناع (٥/ ٣٩). (٣) ينظر: الإقناع (٣/ ١٦٨)، كشاف القناع (٦/ ٤٥٣)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٣٢)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٠)، المغني (٧/ ٧٩)، الشرح الكبير (٧/ ٣٧٣)، الفروع (٥/ ١٢٣)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (٤/ ٢٧٣)، نيل المآرب (٢/ ١٤٤)، المخدرات (٢/ ٥٨٤)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص: ٣٤٠). (٤) ينظر: التفسير الوسيط (٦/ ٩٤٦)، تفسير الرازي (٢١/ ٥١٥)، تفسير الطبري (٦/ ٤٠٥)، تفسير ابن كثير (٥/ ٢١٦).