للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: قبول إشارة الأخرس المفهومة في النكاح بالإيجاب وعدمه]

تمهيد:

من محاسن الشريعة الإسلامية أنها اهتمت بأدق المسائل والفروع، ومنها المسائل التي تختص بالأخرس (١)، وفي هذا المبحث سوف نعرج على بعض الفروع التي ذكرها البهوتي في كتاب الكشاف.

نص البناء:

قال المصنف : [(ويصح إيجاب أخرس وقبوله) النكاح (بإشارة مفهومة يفهمها صاحبه) العاقد معه (و) يفهمها (الشهود) لأن النكاح معنى لا يستفاد إلا من جهته، فصح بإشارته، كبيعه وطلاقه] (٢).

دراسة البناء:

اتفق فقهاء الحنابلة أن إشارة الأخرس المفهومة يصح بها عقد النكاح. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، وابن مفلح، والرحيباني، وغيرهم (٣).

سبب الاتفاق: أن الإشارة إذا كانت مفهومة من الأخرس فإنها معتبرة في عقد النكاح.

الأدلة:

ويمكن أن يستدل على ذلك من الكتاب والسنة والمعقول:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١)[سورة مريم: ١١].

وجه الاستدلال:

دلت الآية على أن الإشارة تقوم مقام الكلام، "إنه أشار إليهم وأومأ بيده، فقامت الإشارة في هذا الموضع مقام القول؛ لأنها أفادت ما يفيده القول، وهذا يدل على أن إشارة الأخرس معول عليها قائمة مكان القول" (٤).


(١) الأخرسُ: هو الذي لا يستطيعُ النُّطقَ، وهو نوعان: خَرَسٌ لازمٌ، وخَرَسٌ عارضٌ، فاللازم: أن يكون ملازمًا للمرءِ مِن صغرِه، والعارضُ هو الذي يحدثُ للمرءِ إما بحادثٍ، أو بمرضٍ، أو بغير ذلك. الشرح الممتع (٤/ -٢٢٧ - ٢٢٦).
(٢) كشاف القناع (٥/ ٣٩).
(٣) ينظر: الإقناع (٣/ ١٦٨)، كشاف القناع (٦/ ٤٥٣)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٣٢)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٠)، المغني (٧/ ٧٩)، الشرح الكبير (٧/ ٣٧٣)، الفروع (٥/ ١٢٣)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (٤/ ٢٧٣)، نيل المآرب (٢/ ١٤٤)، المخدرات (٢/ ٥٨٤)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص: ٣٤٠).
(٤) ينظر: التفسير الوسيط (٦/ ٩٤٦)، تفسير الرازي (٢١/ ٥١٥)، تفسير الطبري (٦/ ٤٠٥)، تفسير ابن كثير (٥/ ٢١٦).

<<  <   >  >>