للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم نكاح المرأة إن جهل السابق من الزوجين]

تمهيد:

من حرص الشريعة وعنايتها لأحكام النكاح أنها عنيت بأدق المسائل التي بني عليها فسخ النكاح أو حل إشكال كالجهل بالأسبق من الزوجين، وما يترتب على ذلك من أحكام، سواء في النكاح والطلاق، وفي هذا المبحث سنتطرق لبعض الفروع الدالة على ذلك.

نص البناء:

قال المصنف : [(وإن جهل السابق) منهما (مثل جهل السبق) بأن جهل هل وقعا معًا أو مرتبين (أو علم عين السابق) من العقدين (ثم جهل) أي: نسي (أو علم السبق) كما لو علم أن أحدهما قبل الزوال والآخر بعده (وجهل السابق) منهما (فسخهما حاكم)؛ لأن أحدهما صحيح ولا طريق للعلم به (ولها نصف المهر يقترعان عليه) فمن خرجت عليه القرعة غرمه؛ لأن عقد أحدهما صحيح وقد انفسخ نكاحه من غير جهة الزوجة قبل الدخول؛ فوجب عليه نصف المهر (وكذا لو طلقاها) وجب على أحدهما نصف المهر بقرعة، وإذا عقد عليها أحدهما بعد ذلك فلا ينبغي أن ينقص عدد طلاقه لهذه الطلقة، لأنا لم نتحقق أن عقده هو الصحيح حتى يقع طلاقه، ذكر معناه الشيخ تقي الدين] (١).

دراسة البناء:

اختلف فقهاء الحنابلة في حكم النكاح إن جهل السابق من الزوجين على قولين:

القول الأول: أنه يفسخ النكاح على الصحيح. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، وغيرهم (٢).

القول الثاني: أن يقرع بينهم، ولها نصف المهر. والقائلون بذلك: النجاد، والقاضي، وأبو الخطاب، والشيرازي (٣).

سبب الاختلاف: الجهل بمن سبق، فمن أرجع القول بفسخ النكاح؛ لأن ذلك من إزالة الضرر، وأنه لا سبيل في الجمع ولا معرفة الزوج يقينًا، وأما من قال الأولى القرعة، أرجع ذلك إلى أن القرعة يُؤخذ بها في الشرع للتمييز، وتزيل الإبهام، فهي حجة وبينة تفيد الحل ظاهرًا.

الأدلة:


(١) كشاف القناع (٥/ ٦٠).
(٢) ينظر: شرح الزركشي (٥/ ١٠٧ - ١٠٨ - ١٠٩ - ١١٠)، الإنصاف (٨/ -٨٩ - ٨٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٤٤)، المغني (٧/ ٦٢)، الشرح الكبير (٢٠/ ٢٢٣)، الإقناع (٣/ ١٧٦).
(٣) ينظر: شرح الزركشي (٥/ ١٠٧ - ١١٠ - ١٠٩)، الإنصاف (٨/ ٩٠ - ٨٩).

<<  <   >  >>