المبحث الرابع عشر: عدم نقض العقود الفاسدة والشفعة؛ وفيه أربعة مطالب:
[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم الحاكم في نكاح المرأة نفسها]
تمهيد:
إنَّ من مقاصد الشريعة الاهتمام بأدق التفاصيل الشرعية المتعلقة بأحكام الاشتراك في جميع المعاملات، سواء كانت في المعاملات المالية أو الزوجية، وكل ما له اشتراك في التعاملات، وما ينتج عنها من مفاسد ومصالح، فتنظر لها الشريعة من خلال عدة أمور، وفي هذا المبحث سنعرج على فروع تتكلم عن بعض هذه التفاصيل.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(فإن (١) حكم بصحته حاكم) لم ينقض (أو كان المتولي العقد حاكمًا) يراه (لم ينقض، وكذلك سائر الأنكحة الفاسدة (٢) إذا حكم بها من يراها لم ينقض، لأنه يسوغ فيها الاجتهاد؛ فلم يجز نقض الحكم بها (كما لو حكم بالشفعة (٣) للجار) ونحوه (٤) مما للاجتهاد فيه مساغ، وليس فيه مخالفة قاطع على ما يأتي تفصيله في القضاء، وهذا النص متأول، وفي صحته كلام، وقد عارضه ظواهر] (٥).
دراسة البناء:
اختلف فقهاء الحنابلة في حكم الحاكم نكاح المرأة نفسها على قولين:
(١) يعود على نكاح المرأة نفسها، وكذلك يلحق بها الأنكحة الفاسدة كما بينه الحجاوي ﵀. وقال الإمام أحمد عندما سئل عمَّن تزوج على نِكَاح الشّغَار أَو تزوج امْرَأَة على عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا، فَإِنَّهُ يفرق بَينهمَا. مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (١/ ٤٧٠) ِ. (٢) الأنكحة الفاسدة: هي التي حرمها الله ﷾ في كتابه وفي سنة نبينا محمد ﷺ، وهو نوعان: نوع متفق على فسادها، ونوع مختلف على فسادها، أما المتفق على فسادها فهي: (المحرمات بسبب النسب، والمصاهرة، والرضاع، والكافرة من غير أهل الكتاب، ونكاح المحصنة، ونكاح الخامسة، ونكاح المتعة). الأنكحة المختلف على فسادها مثل: (نكاح الشغار، نكاح التحليل، نكاح المريض، نكاح المحرم، نكاح السر، نكاح بلا ولي، أو بلا شهود، وغيرها). ينظر: الأنكحة الفاسدة المختلف على فسادها في الشريعة الإسلامية ص: ٣. (٣) الشفعة: هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه. ينظر: المغني (٥/ ٢٢٩)، شرح الزركشي (٤/ ١٨٥)، المبدع في شرح المقنع (٥/ ٦٠). (٤) أي: ما نحا نحوه في الحكم، بمعنى: مثله، حيث يقال عند النحاة: "نحا نحوه: اقتدى به، وسار على أثره": https:// www.almaany.com/ ar/ dict/ ar-ar/ %D ٩%٨٨%D ٩%٨٦%D ٨%AD%D ٩%٨٨%D ٩%٨٧/ (٥) كشاف القناع (٥/ ٤٩).