[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم زواج من زال عقله بمرض لا يرجى زواله]
تمهيد:
من مقاصد الشريعة مراعاة المصلحة والحاجة لحفظ النفس، بتولية الأب على من استرعاهم الله تحت يده من المجانين ومن به مرض يفقد العقل والفهم، وفي هذا المبحث سنتطرق لبعض الفروع المتعلقة بهذا الأمر.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(أو زال عقله ببرسام (١) أو بمرض مرجو الزوال لم يصح تزويجه إلا بإذنه) كالعاقل، فإن دام به صار كالمجنون. قاله الشيخ تقي الدين في المسودة، وهو معنى كلام الشارح] (٢).
دراسة البناء:
اتفق فقهاء الحنابلة على أن من زال عقله بمرض أو غيره إزالة دائمة ولا يرجى برؤه أنه يصح تزويجه بغير إذنه. القائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن تيمية، وابن قدامة، وأبو الفرج، وغيرهم (٣).
سبب الاتفاق: يرجع سبب الاتفاق إلى أمرين:
الأمر الأول: الحاجة إلى النكاح بحيث تظهر عليه أمارة الشهوة.
الأمر الثاني: أن مرضه دائم لا يرجى برؤه.
الأدلة:
استدلوا على ذلك من المعقول:
• أن زوال العقل الطارئ الدائم يفقد الشخص الأهلية، مثل المجنون تمامًا، فيتولى وليه أموره واحتياجاته، ومنها النكاح إذا غلبته شهوته.
• إن احتاج المجنون المطبق البالغ إلى النكاح صح تزويجه (٤).
• أن المجنون يثبت الولاية على ماله، فأثبتها عليه في نكاحه، كالمستدام (٥).
(١) البرسام بالكسر: هو داء معروف، ورم حار يعرض للحجاب الذي بين الكبد والمعي ثم يتصل بالدماغ، يغير من الإنسان ويهذي به. ينظر: المصباح المنير (١/ ٤١)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (١/ ٨٥)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٥/ ١٨٧١). (٢) كشاف القناع (٥/ ٤٤). (٣) ينظر: الإقناع (٣/ ١٧٠)، كشاف القناع (٥/ ٤٤)، الإنصاف (٨/ ٦١)، شرح الزركشي (٥/ ٩٨)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٥)، المغني (٧/ ٥١)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٤). (٤) الإقناع (٣/ ١٧٠). (٥) ينظر: المغني (٧/ ٥٠)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٤).