[المطلب الثاني: المسألة المبنية الأولى: حكم قبول كتابة الأخرس في الطلاق.]
اتفق فقهاء الحنابلة على صحة كتابة الأخرس للطلاق. والقائلون بذلك: البهوتي، والمرداوي، وابن قدامة، والرحيباني، وغيرهم (١).
سبب الاتفاق: أن الكتابة تقوم مقام اللفظ من الأخرس، فإنها معتبرة في الطلاق.
الأدلة:
ويمكن أن يستدل عليه من المعقول:
• أنه لا طريق للأخرس إلى الطلاق إلا بالإشارة أو الكتابة، فقامت كتابته مقام الكلام لأن كتابة الأخرس كإشارته (٢).
• أن إشارة الأخرس وكتابته معتبرة في كل تصرفاته ومعاملاته، وهذا من باب استحسان الضرورة لما قد يصيب الأخرس من ضرر وحرج لو لم تعتبر إشارته أو كتابته (٣).
• أن الطلاق معنى لا يعرف إلَّا من جهته، فتصحُّ بإشارتِهِ وكتابته (٤).
• أن الكتابة أوضح وأبين وأضبط من الإشارة؛ لأن الإشارة لا يعرفها إلا أهل الأخرس وخلصاؤه، وأمّا الكتابة فكلّ مَن يقرأ ويكتب قادر على قراءَتها وفهم مضمونها (٥).
• إن رسول الله ﷺ كان مأمورًا بتبليغ الرسالة، وحصل ذلك في حق البعض بالقول، وفي حق الآخرين بالكتابة؛ فدل ذلك على أن الكتابة تقوم مقام القول.
• إن كتاب القاضي يقوم مقام لفظه في إثبات الديون، والحقوق. وهذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة: أن كتابة الطلاق من قبيل الصريح (٦).
(١) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٢٤٩)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٣٢)، الإنصاف (٨/ ٤٧٥)، كشف المخدرات (٢/ ٥٨٤)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٠)، نيل المآرب (٢/ ١٤٤). (٢) ينظر: المغني (٨/ ٤١٢)، أشباه ابن نجيم (ص: ٣٤٣)، أشباه السيوطي (ص: ٣١٢). (٣) ينظر: الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية (ص: ٣٠٣). (٤) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٣٩)، أشباه ابن نجيم (ص: ٣٤٣)، أشباه السيوطي (ص: ٣١٢). (٥) موسوعة القواعد الفقهية (٨/ ٢٧٨). (٦) شرح العمدة (ص: ٩).