للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المسألة المبنية: حكم الترجمة في الشهادات]

اتفق فقهاء الحنابلة على جواز اتخاذ المترجم في حال كان القاضي أو الحاكم لا يعرف لغة الخصوم أو أحدهما. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، والزركشي، وابن تيمية (١) (٢).

سبب الاتفاق: يرجع إلى أمرين:

الأمر الأول: أنهم بنوا الترجمة في القضاء على الشهادة، فما يكون في الشهادة من شروط تكون في الترجمة.

الأمر الثاني: القاضي أو الحاكم لا يعرف ما يترتب عليه الحكم إلا بالترجمة ليفهم حيثيات الموضوع.

الأدلة:

يمكن أن يستدل بالكتاب والسنة والمعقول:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [سورة البقرة: ٢٨٢].

وجه الاستدلال:

تدل الآية أن الذي لا يستطيع الإملاء بنفسه لعلة به من خرس أو جهل اللغة فعلى الحاكم أو القاضي أو من يتولى أمره أن يأتي بمترجم له؛ ليفهم المراد من كلامه (٣).

ثانيًا: من السنة:

١ - عن زيد بن ثابت أن النبي أمره فتعلم كتاب اليهود، قال: حتى كتبت للنبي كتبه، وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه (٤).


(١) ينظر: الإقناع (٣/ ١٦٧)، شرح الزركشي (٧/ ٢٨٣)، كشاف القناع (٥/ ٣٩)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٠)، المحرر في الفقه (٢/ ٢٠٨)، المغني (١٠/ ٨٨)، مطالب أولي النهى (٦/ ٦٣٠)، الشرح الممتع (١٥/ ٣٤٢)، الحاشية العثيمينية على زاد المستقنع (ص: ٦٥٤).
(٢) قال ابن قدامة: ولا تقبل الترجمة عن أعجمي تحاكم إليه، إذا لم يعرف لسانه، إلا من عدلين يعرفان لسانه، وجملته أنه إذا تحاكم إلى القاضي العربي أعجميان، لا يعرف لسانهما، أو أعجمي وعربي، فلا بد من مترجم عنهما. المغني (١٠/ ٨٨).
(٣) ينظر: الكشاف عن حقائق التنزيل (٤/ ٢٠٣)، غرائب القرآن ورغائب الفرقان (٢/ ٣٤)، حاشية السندي على صحيح البخاري (٢/ ٤٤).
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٩/ ٧٦) برقم: (٧١٩٥) (كتاب الأحكام، باب ترجمة الحكام)، ومسلم في "صحيحه" (٥/ ١٦٣) برقم: (١٧٧٣) (كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام).

<<  <   >  >>